لا أجيبكم في شئ من هذا، سلوني عن القرآن، فقال له أبو حنيفة: ما تقول في قوله عز وجل: قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به (1) من هو؟ قال قتادة: هذا رجل من ولد عم سليمان بن داود، كان يعرف اسم الله الأعظم، فقال أبو حنيفة:
أكان سليمان يعلم ذلك الاسم؟ قال: لا، قال: سبحان الله ويكون بحضرة نبي من الأنبياء من هو أعلم منه؟
قال قتادة: لا أجيبكم في شئ من التفسير، سلوني عما اختلف الناس فيه، فقال له أبو حنيفة: أمؤمن أنت؟ قال: أرجو، قال له أبو حنيفة: فهلا قلت كما قال إبراهيم فيما حكى الله عنه حين قال له: أولم تؤمن قال: بلى (2)؟ قال قتادة: خذوا بيدي، والله، لا دخلت هذا البلد أبدا (3).
ه - حكي عن قتادة أنه دخل الكوفة، فاجتمع عليه الناس، فقال: سلوا عما شئتم، وكان أبو حنيفة حاضرا - وهو يومئذ غلام حدث - فقال: سلوه عن نملة سليمان أكانت ذكرا أم أنثى؟ فسألوه، فأفحم، فقال أبو حنيفة: كانت أنثى، فقيل له:
كيف عرفت ذلك؟ فقال: من قوله تعالى: (قالت) ولو كانت ذكرا لقال: (قال نملة) (لأن النملة) مثل الحمامة والشاة في وقوعها على الذكر والأنثى (4).
أقول: قال ابن الحاجب في بعض تصانيفه: " إن مثل الشاة والنملة والحمامة من الحيوانات فيها تأنيث لفظي ولذا كان قول من قال: إن النملة في قوله تعالى:
" قالت نملة " أنثى لورود تاء التأنيث في (قالت) وهما لجواز أن يكون ذكرا في الحقيقة وورود تاء للتأنيث في الفعل نظرا إلى التأنيث اللفظي ولذا قيل: إفحام