زمن الصادقين عليهما السلام إذ كثير من الأحكام كان مخفيا قبل زمانهما، كما يظهر من الأخبار وكلمات بعض الأخيار. والكلام في الخوارج يظهر مما ذكرنا في الناصب فإنهم أشد النواصب، مضافا إلى إطلاق المشرك عليهم في الزيارة الجامعة: (ومن حاربكم مشرك). وبالجملة فلا شئ أوضح وأشهر من كفر يزيد، لعنه الله (وعلى من شيد بنيانه) (1).
17 - وقال أيضا: (بل في (شرح المفاتيح): إن من بديهيات المذهب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يشاور المنافقين، وما كان يجتنب منهم إلا أن يقال: إن هذه المعاملة مع المنافقين المظهرين الإسلام كان مختصا بصدر الإسلام، ومن هنا يضعف ما في (المعتبر) من الاستدلال على طهارة العامة بعدم اجتناب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفلان وفلان وفلانة وفلانة، فإن هذا لو تم لدل على عدم نجاسة النواصب، فلا محيص عن حملها على مصلحة اقتضت عدم إيجاب التحرز عنهم وعن أمثالهم من المنافقين - إلى أن قال: - ولا يتوهم من الحكم بطهارتهم الحكم بثبوت مزية لهم، إنما نحكم بذلك دفعا للحرج عن المؤمنين (2).
18 - قال الفقيه الهمداني رحمه الله: (قد يشكل الحكم بكفرهم بشيوع النصب في دولة بني أمية واختلاط أصحاب الأئمة: مع النصاب والخوارج وعدم معروفية تجنب الأئمة عليهم السلام وأصحابهم عنهم، بل الظاهر أنهم كانوا يعاملون معهم معاملة المسلمين من حيث المعاشرة، وتنزيل مثل هذه المعاشرة في الأعصار الطويلة على التقية في غاية البعد. وقد يجاب عن ذلك بأن أغلب الناس كانوا يظهرون النصب والتبري من الأئمة عليهم السلام خوفا من سلطان الجور وإلا فلم يكونوا في الواقع نواصب. وفيه أن ظاهر القول والفعل حجة مبررة لا يجوز رفع اليد عنه. و الأولى