قال: (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ليس الناصب لنا من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول: أنا أبغض محمدا وآل محمد، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وتتبرؤون من أعدائنا). ويدل أيضا على تحقق النصب بمجرد إزالة الأئمة: عن مراتبهم ومعاداة من يعرف حقهم من شيعتهم ما رواه ابن إدريس في (مستطرفات السرائر) (ص 479) عن محمد بن عيسى، قال: (كتبت إليه (يعني الهادي عليه السلام) أسأله عن الناصب، هل احتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاده إمامتهما؟ فرجع الجواب: من كان على هذا فهو ناصب (1).
أقول: خبر المعلي بن خنيس لا يقاوم الأخبار التي كان معناها أن الناصب هو المبغض لهم ولمن يتولاهم لكون المعلي ضعيفا جدا، مع أنه خلاف الاعتبار حيث إن وجود المبغضين لأمير المؤمنين وأولاده المعصومين عليهم السلام المتظاهرين بالعداوة والمصرحين بها لهم عليهم السلام أشهر وأظهر من أن ينكره أحد، مع أن ما في ذيل الخبر من أن الناصب من نصب لكم لأجل ولايتكم لنا هو ظاهر أيضا في عداوتهم لهم عليهم السلام، حيث يبغضون من يتولاهم إذا لم يقدروا على اظهار عداوتهم لهم عليهم السلام جهارا والفرق بين مبغضيهم ومعانديهم وبين الذين لا يعرفونهم واضح ولا حاجة إلى بيان أزيد من ذلك.
وأما خبر محمد بن عيسى، فمعناه أن الناصب من قدم عليهم غيرهم مع علمه بشأنهم وعرفانه، بأن الحق لهم ومعهم وفيهم ومع ذلك قدم غيرهم عليهم، و ليس المراد من لا يعرف شأنهم أولا يعتقد بعصمتهم وأنهم عليهم السلام حجج الله على الخلق، والبون بين من عرف الحق فأنكره وعانده، وبين من طلب الحق فأخطأه بعيد جدا ولا يخفى على أي أحد.