به البيان وما به يثبت الشئ، ومنه قوله تعالى " بالبينات والزبر " وقوله تعالى " حتى تأتيهم البينة " وقوله تعالى " ان كنت على بينة من ربي " وغيرها من الموارد، ومن الظاهر أنها ليست في تلك الموارد الا بمعنى الحجة وما به البيان، وكذا في ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله " إنما اقضي بينكم بالبينات والايمان " اي بالايمان والحجج، وما به يبين الشئ، ولم يثبت في شئ من هذه الموارد ان البينة بمعنى شهادة عدلين وعرضه صلى الله عليه وآله من قوله " إنما اقضي.. " على ما نطقت به جملة من الاخبار بيان ان النبي صلى الله عليه وآله وساير الأئمة عليهم السلام سوى خاتم الأوصياء المهدي (عج) لا يعتمدون في المخاصمات والمرافعات على علمهم الوجداني المستند إلى النبوة والإمامة " (1).
أقول: ولكن مع ذلك كله فهناك قرائن مختلفة واردة في اخبار الباب يمكن ان يستفاد من مجموعها ان البينة كانت حقيقة في هذا المعنى في عصر الأئمة عليهم السلام وانتقلت من معناها اللغوي العام الشامل لكل دليل، إلى خصوص شهادة العدلين، واليك نماذج منها:
1 - ما ورد في ذيل رواية سعدة بن صدقة الآتية، من قوله " والأشياء كلها على هذا حتى تستبين لك غير هذا أو تقوم به البينة " (2) فإن جعل الاستنابة في مقابل قيام البينة دليل على أن البينة ليست مطلق الاستنابة والدليل الظاهر الواضح، بل خصوص شهادة العدلين.
2 - ويدل عليه أيضا، في رواية منصور قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: " رجل في يده شاة فجاء رجل فادعاها فأقام البينة العدول انها ولدت عنده.. وجاء الذي في يده بالبينة مثلهم عدول أنها ولدت عنده.. ".
فإن توصيف البينة بالعدول مرتين في الرواية دليل على أن المراد منها الشهود