فرجع الامر إلى التحالف وشبهه، من أحكام التداعي، واما إن كان بالنظر إلى النتيجة والغرض، فالمدعي للزوم العقد قوله موافق للأصل لأن الأصل في العقود اللزوم، فيكون في الواقع منكرا، واما المدعي لكونه هبة فهو مدع لأن قوله مخالف للأصل.
هذا إذا لم يكن نزاع في العوض، واما لو كان المدعي للهبة ناظرا إلى نفي الثمن عن ذمته فقوله موافق لأصالة براءة ذمته فيكون منكرا واما مدعي البيع فهو يدعي شيئا في ذمة الطرف فهو مدع.
إلى غير ذلك من الأمثلة.
والحق ان يقال إن المدار على مصب الدعوى لما عرفت من أن المعيار صدق عنوان المدعي والمنكر، أو المدعي والمدعى عليه، ومن المعلوم انه في المثال كل واحد منهما مدع، ولا يعتنى إلى مآل هذه الدعوى ونتيجتها، أو غرض طرفي الدعوى فليس على القاضي الا ملاحظة الصدق العرفي بما عرفت من معنى المدعي والمنكر بحسب ظاهر اللفظ وظاهر الحال وما يفهمه العرف من لفظهما، واما الأغراض فهي أمور خارجة لا دخل لهما بهذا الامر (والله العالم بحقايق الأمور).