وفيه أيضا - مضافا إلى ما ذكر - ان عدم اقتضاء ضمان الواهب العين إنما هو فيما إذا كان الهبة صحيحة والمفروض انها باطلة، وليت شعري ما الفرق بين تقديم الغاصب طعاما إلى غيره فاكله، أو هبته له طعاما فذهب إلى بيته فاكله؟ والانصاف انه لا يرى أدنى تفاوت بين الصورتين ومن قال بالفرق فعليه الدليل، وأدلة الغرور عامة، والعجب ممن فرق بينهما.
وذكر الشهيد الثاني في المسالك هذا المعنى في كتاب الغصب بصورة واضحة قال: " اما على تقدير الاتلاف (اتلاف المغصوب) فالقرار على المتلف مطلقا، لأن الاتلاف أقوى من اثبات اليد العادية عليه، الا إذا كان مغرورا كما إذا قدمه ضيافة فاكله فإن ضمانه على الغاصب، لأنه غره حيث قدم الطعام إليه، وأوهمه لا تبعة فيه " (1).
وقال " المحقق الثاني " في " جامع المقاصد " مثل هذا المعنى، وأضاف إليه الهبة حيث قال: " ومهما أتلف الاخذ من الغاصب فقرار الضمان عليه الا مع الغرور كما لو اضافه به، ولو كان الغرور للمالك (يعنى قدم طعاما مغصوبا إلى مالكه فاكله لا بعنوان انه ملكه) فالضمان على الغار وكذا لو أودعه المالك أو آجره إياه، ولو وهبه الغاصب من آخر فرجع المالك عليه، احتمل رجوعه على الغاصب لغروره وعدمه " (2).
لكن يرد على ما ذكره أخيرا من احتمال عدم الرجوع الايرادان المتقدمان.
2 - استدلالهم بها في " أبواب الضمان ":
قال في الجواهر في شرح قول المحقق " الثاني (من أسباب الضمان) التسبيب وهو كل فعل يحصل التلف بسببه، كحفر البئر في غير الملك، وطرح المعاثر في المسالك " بلا خلاف أجده في أصل الضمان به، ثم استدل على ما ذكره بنصوص كثيرة، ثم قال: ومنها ما دل على رجوع المغرور (3).