الثالث - هذه الروايات ناظرة إلى باب الاتلاف، وهو أجنبي عما نحن فيه، فإن الكلام في عدم الضمان الأمين إنما هو في التلف فقط، ومن الواضح ان كل من أتلف مال الغير فهو له ضامن ولا معنى للتعدي وعدمه فيه ولا للعلم والجهل، ولكن قوله: كل أجير يعطى الأجرة ينافي هذا المعنى فإن هذا القيد في مقام الاحتراز، ومفهومه عدم الضمان بالاتلاف لو لم يعطى الأجرة.
ولكن يمكن حل هذه العويصة بأنه إذا دخل الانسان في عمل تبرعا باذن صاحبه ولم يتعد ولم يفرط لا يبعد عدم كونه ضامنا لما يتلفه إذا كان الاتلاف من اللوازم القهرية لعمله، ولو بعض الموارد، ولكن هذا المعنى لا يجري في حق من يأخذ الاجر على اصلاح شئ فيفسده، ولو لم يكن عن تعد ولا تفريط فتأمل.
الرابع - مع قطع النظر عن جميع ذلك تكون النسبة بين هذه الروايات وعموم عدم ضمان الأمين نسبة الخصوص والعموم المطلق فيختص بها في خصوص هذا المورد، وتبقى القاعدة سليمة عن المعارض في غير هذا الباب.
وبالجملة روايات تضمين أرباب الحرف الذين يأخذون الاجر على أعمالهم فيفسدون أموال الناس أحيانا، مع أنها معارضة بما ورد من عدم ضمانهم بالخصوص كما يظهر على من راجع أبواب الإجارة (1) أخص مما نحن بصدده، ولها محامل اخر غير التخصيص كما عرفت فلا تنافي قاعدة عدم ضمان الأمين.
* * * 3 - ما دل على الأجير المشارك والظاهر أنه هو الذي يكون له حرفة يراجعه الناس، فهو بعلمه مشارك لهم، ولا يختص بواحد منهم، مثل ما رواه مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام الأجير المشارك هو ضامن