وليعلم ان الروايات الواردة في هذه القاعدة أيضا مختلفة، بعضها ناظرة إلى المقام الأول، وهو مقام الثبوت، وبعضها ناظرة إلى المقام الثاني، وهو مقام الاثبات ولابد من اعطاء كل حقه كي لا يختلط الأحكام في فروع القاعدة، وما يستنتج منها.
* * * 2 - الأمانة في هذه الأبواب يطلق على معنيين:
الأول ما يكون في مقابل الغصب فالأمين هو الذي ليس بغاصب، وعلى هذا المعنى المستأجر والوكيل والعامل في المضاربة والمستعير ونظائرهم امناء، وان لم يكونوا ثقات لأن المفروض انهم اخذوا المال من مالكها برضاه فليسوا بغاصبين.
الثاني: ما يكون في مقابل الخيانة، وبعبارة أخرى يكون فيها معنى الوثاقة، فالأمين هو الذي يثق الانسان بقوله واخباره، فلو شهد مثلا ان المال تلف بغير تفريط منه يعتمد على كلامه.
وروايات الباب بعضها ناظرة إلى المعنى الأول، وبعضها إلى المعنى الثاني، ولابد في كل مقام من التمسك بالقرائن الحالية أو المقالية.
وقد يشتبه الحال ولا يعلم أن الأمانة في الرواية بالمعنى الأول أو الثاني؟
فمن الأول ما عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام أتى بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فضاعت فلم يضمنه، وقال إنما هو أمين (1).
ومن الثاني ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام يضمن القصار والصائغ احتياطا للناس، وكان أبي يتطوع عليه إذا كان مأمونا (2).
فإن القصار والصائغ مأمونان بالمعنى الأول فقوله إذا كان مأمونا فهو للمعنى الثاني، وكم لهما من نظير في أبواب الضمانات.