يقال: إن أريد الوجوب التبعي فسقط، وإن أريد الأصلي فلم يكن، بل ظاهر الخبر عدم سقوط ذلك المقدور، ومعناه في العرف: أنه كما لا بد من إتيانه حال إمكان الكل لا بد من إتيانه حال تعذر غيره، ولا التفات فيه إلى أن هذه اللابدية هل هي كانت لاستقلال أو تبعية؟ وهذا معنى في العرف واضح.
فإذا قال الشارع: الجزء المقدور لا يسقط بسقوط الجزء المتعذر، لا يرد على كلامه بحث في أن مرادك بعدم سقوطه أي شئ؟ بل لا يفهم من هذه العبارة إلا جعل الجزء التابع في ضمن الكل مستقلا بعد تعذر غيره، فكأنه قال: إذا تعذر هذا الكل يقوم البعض مقامه، وهذا مما لا غبار عليه أبدا، فتبصر.
وأما الرواية الثالثة (1): فغاية المناقشة فيها: أن كلمة (لا يترك) إخبار في موضع إنشاء، ولا نسلم دلالته على التحريم. أو يقال: لا نسلم كونها إنشاءا، لم لا تكون إخبارا عن طريقة الناس لغرض لا نعرفه؟
وكلاهما من الضعف بمكان، لأن كونه إخبارا مخالف للظاهر ولمنصب الشارع، ومناف لما فهمه الأصحاب، مع أنه لو كان إخبارا لكان إخبارا عن طريقة العقلاء، وظاهره التزام العقلاء بذلك، وهو في نفسه كاشف عن لزومه، سيما مع اطلاع المعصوم عليه وتقريره على ما هو عليه، وبعد كونه إنشاءا فاحتمال إرادة مطلق المرجوحية خلاف المتبادر منه.
وقد قرر في الأصول: أن الجملة الخبرية المستعملة في الإنشاء يقوم إثباتها مقام الأمر ونفيها مقام النهي في العرف.
ولزوم التخصيص في المستحبات غير قادح، مع إمكان إرادة عدم الترك بمعنى البناء على عدم استحبابه، وهو منهي عنه في المستحب أيضا، فلا يلزم هناك تخصيص.
وقد قررنا فيما سبق أن كلمة (الكل) ليست مختصة بالمجموعي، ولا