تعذر الاستصحاب لتغيير موضوع، أو معارضة بمثل، أو نحو ذلك، أو في بعض الصور الذي لا حجية للاستصحاب فيه على قول بعض - كالشك في المزيل، أو حكم الإجماع، أو الحكم الوضعي - أو مطلقا بناءا على عدم حجية الاستصحاب مطلقا، كما زعمه بعض (1).
وقد يناقش هنا بأمرين:
أحدهما: أن قاعدة الامتنان لا تجري إلا في الأمور التي ينتفع بها غالبا، وأما ما كان قليل الانتفاع نادر الاستعمال فلا يجري فيه ذلك، فلم يثبت هنا قضية كلية.
ويجاب: بأن الأشياء المخلوقة ليس فيها ما يندر الانتفاع بها، بل كلها غالب الانتفاع، وليس بلازم عموم النفع لقاطبة أفراد الإنسان، بل كل منها غالب الانتفاع لطائفة من الإنسان في برهة من الزمان. وهذا كاف في إثبات الامتنان. وبأن ثبوتها في بعض الأفراد قاض بالثبوت في الجميع، لعدم القول بالفرق.
وثانيهما: أن الامتنان يقضي بأن الله تعالى ينبغي أن يجعل الحكم فيما ينتفع به الطهارة، ولا يقضي بأن يكون الأصل ذلك، بل لعله لأدلة خاصة وردت فيما حكم بطهارته.
ويجاب: بأن الفرض عدم وجود الأدلة الخاصة في المشكوكات حتى يتمسك بها، وكون الأصل الطهارة هو مقتضى الامتنان.
وثانيها: أصالة عدم النجاسة، وتقريره: أن النجاسة حكم شرعي لا بد أن يتلقى من الشارع، ولها أحكام - كوجوب الاجتناب، ووجوب الإزالة عن الثوب والبدن - والأصل عدم كل هذه الأشياء، فيثبت الطهارة، لأنهما ضدان لا ثالث لهما.
فإن قلت: كما أن النجاسة حكم لا بد له من دليل، فكذلك الطهارة حكم