من الإضمار مطلقا، سيما في المقام.
وبالجملة: فهم العرف وذوق أهل اللسان في هذا المقام يكفينا مؤونة النقض والحل في تتميم الدلالة، وتقييد الشئ بالمركب مع اقتضاء سياق الكلام ذلك لا بأس به، وأظن أنه لا يحتاج إلى التقييد بقولنا: إن تعذر الكل.
بل لنا أن نقول: ظاهر الرواية: إذا أمرتكم بشئ فأتوا بالمقدور منه، إن كلا فكلا وإن بعضا فبعضا، ولا يحتاج إلى حصر المدلول في التبعيض، وخروج بعض الموارد بالدليل غير مانع من تأسيس القاعدة، إذ ما من عام إلا وقد خص، ومثله المطلق.
وبالجملة: دلالة هذه الرواية عند المتأمل في غاية الوضوح.
وأما الرواية الثانية (1): فغاية المناقشة في دلالتها: أن الظاهر كون الباء للسببية، ومعناه: أن الحكم الثابت للميسور لا يسقط بسقوط المعسور، وهو مسلم بشرط إثبات الحكم أولا للميسور حتى لا يسقط، والميسور إذا كان جزء الواجب فإن أريد عدم سقوط حكمه المقدمي التابع لوجوب الكل فلا ريب أنه قد زال بزوال وجوب الكل، وإن أريد عدم سقوط وجوبه في نفسه فهو غير مسلم حتى لا يسقط أو يسقط، فالمراد من الرواية: أنه لو ثبت حكم لمعسور وميسور فسقوط المعسور لا يضر بحكم الميسور، وهذا لا ربط له فيما نحن فيه.
قلت: ظاهر الرواية إرادة الجنس من الميسور والمعسور، والمراد بالميسور:
المقدور، وبالمعسور: المتعذر عقلا أو شرعا، فظاهر العبارة: أن كل ميسور سواء كان جزء عبادة أو عبادة مستقلة لا يسقط بسقوط المعسور.
فنقول: أما المستقلة فيلزم الإتيان بها، ولا ربط له بالمتعذر. وأما الجزء فنقول:
ظاهر الرواية أنه أيضا لا يسقط بسقوط الجزء الآخر، ويصير المعنى: أنه يصير مستقلا بعد أن كان منضما إلى غيره في الخطاب. وليس في الخبر ذكر حكم حتى