وبعبارة أخرى: بعد تعذر الشرط والسبب ورفع المانع بأجمعها وإمكان البعض يقع الشك في كون هذا البعض شرطا أو سببا أو مانعا أم لا، وقاعدة الميسور تقضي بعدم سقوط الممكن من ذلك مع تعلق الخطاب بالمشروط والمسبب (1) وبعد ثبوت عدم السقوط يثبت الشرطية والمانعية والسببية للممكن المقدور ويقوم البعض مقام الكل بهذه القاعدة.
وأما لو لم يكن المشروط والمسبب والممنوع - مثلا - مأمورا به - كأسباب المعاملات والضمانات وشرائط العقود وموانعها - فلا كلام في عدم جريان الرواية الأولى في المقام، وأما الرواية الثانية والثالثة فتشملها، بمعنى: أنه إذا تعذر بعض أجزاء شرائط الذباحة أو الاصطياد أو العقد أو نحو ذلك أو وجد بعض موانعه بحيث لا يمكن - كالبعير الواقع في البئر التي لا يمكن الاستقبال فيها، ونظائر ذلك - فمقتضى الخبرين عدم جواز ترك البقية وعدم سقوط الممكن من السبب والشرط ورفع المانع، لكن هذا لا ينفع في كون ما بقي كافيا في الشرطية والسببية، بل يحتاج إلى دليل.
نعم، بعد ما قام الدليل على أن الشئ الفلاني - مثلا - بعد التعذر في السبب الاختياري سبب، وشك في لزوم إتيان ما أمكن من شرائط السبب الاختياري وعدمه، فقاعدة الميسور قاضية باللزوم، إلا أن يكون في الدليل الثاني ما ينفيه.
ومن هنا: أن الفقهاء بعد تعذر الأسباب والشرائط الاختيارية الابتدائية في المعاملات يحتاجون إلى دليل يدل على سببية شئ في الاضطرار، كإشارة الأخرس والعجمي مقام العربي، والعظم مقام الحديد في الذبح ونحو ذلك، وإذا شكوا في لزوم الإتيان بما يعتبر في السبب الاختياري هنا أيضا فيتمسكون بلزوم الإتيان بالمستطاع والمقدور من ذلك، فتبصر وتدبر حتى لا يختلط عليك الأمر.