لا يقال: إن هذه الألفاظ موضوعة للطبيعة اللا بشرط فتكون القضية مهملة، ولازم ذلك كفاية وجود ذلك الحكم في فرد من الأفراد، ولا يلزم من ذلك الاطراد.
لأنا نقول: ظاهر ورود الحكم على الماهية من دون قيد جريانه في جميع أفراده، للتبادر العرفي، ولأن ظاهر الجزء والشرط ونحو ذلك للماهية انتفاؤها بدونهما، فلا يعقل وجود فرد يتحقق في ضمنه الماهية من دون هذه الأمور، مضافا إلى أن صرف الأحكام إلى فرد معين ترجيح من دون مرجح، والواحد المردد غير مجد، فالعموم متعين.
فإن قلت: إن المتبادر من إطلاق ألفاظ العبادات الواجبات، فينصرف الإطلاق إليها [ويصير الأحكام مصبها ذلك، ولا يلزم من ذلك إلحاق المندوب به] (1).
قلت أولا: إن إطلاق الأسماء على المندوبة ليس بنادر حتى يصير سببا للتشكيك، ولو تخيل هنا ندرة فإنما هو ندرة الوجود، لا ندرة الإطلاق.
وثانيا: أن مثل هذا التشكيك غير مضر، إذ لا يكاد يسلم مطلق من مثل هذا التشكيك الابتدائي الذي يزول بعد التأمل.
وثالثا: أن رجوع الأحكام إلى الواجب يوجب كونها أجزاءا أو شرائط خارجة عن الماهية ملحقة بالفرد أو الصنف (2)، وظاهر الدليل كونها لاحقة لمسمى اللفظ من دون اعتبار قيد زائد.
فإن قلت: بعد انصراف اللفظ إلى الواجب يصير الكلام بمنزلة أن يقال: الصلاة الواجبة، فيمكن أن يكون ذلك الحكم لخصوص الفرد، ويحتمل كونه لأصل الماهية، فالتسري إلى سائر الأفراد لا وجه له.
قلت: فرق بين الانصراف والتقييد، فإن التقييد يوجب نفي الحكم عن