وأما على القول بالأخطار واعتباره: فقضية الأصل فيه أيضا اعتبار دوامه واستمراره، لاعتبار تلبس العمل به، والعمل اسم للمجموع، لكنهم لما رأوا أن ذلك غير ممكن في جميع الأطوار، لضرورة الذهول في البين - إذ ما جعل لرجل في جوفه من قلبين (1) - لم يوجبوا ذلك دائما، واعتبروا المقارنة لأول جزء من أجزاء العمل، إذ المتقدم عليه يكون عزما، والمتأخر عنه موجب لخلو بعض الأجزاء عنه حقيقة وحكما، مع أن الظاهر من أدله النية اعتبارها ابتداءا والتلبس بها حال الفعل، واعتبروا الاستمرار الحكمي إلى الفراغ.
والمراد به - كما عن جماعة (2) - عدم نية ما ينافيها، وفسره الشهيد في الذكرى بالعزم على مقتضاها (3) بمعنى: أن كلما يلتفت إليه يعزم على ذلك القصد الأول إتيانا بالميسور.
والفرق بينه وبين الاستدامة الفعلية واضح، فلا وجه للرد بأنه التزام بالحقيقة، والثمرة تظهر في حال الذهول عنه.
وحيث إن الأخطار - على ما ذكرناه - مستند إلى الوجوه الماضية، وهي لا تقتضي أزيد من اعتباره في أول العمل، فيقتصر عليه، ونفسر الاستدامة بعدم قصد المنافي، كما عليه الأكثر، وهذا هو الأوفق بالقواعد.
وحيث إن عدم لزوم استمرار الأخطار للعسر والحرج، فلذلك لا نعتبره في الأذكار والأعمال المترتبة والتعقيبات ونحو ذلك، ويكفي فيها الداعي والخطور في أولها، ولا يحتاج في أول كل ذكر وتعقيب الأخطار بالبال.
قال الشهيد في القواعد: وتجزئ نية أعمال متصلة في أولها، ولا يحتاج إلى