الذهن إلا كونه مأمورا به، وعليك مقايسة سائر العبادات بذلك.
وسابعها: في لزوم قصد الصفات الخارجية، كالوجوب والندب والأداء والقضاء والقصر والإتمام والأصالية والنيابة والجماعة والانفراد وكون سببها الأمر الفلاني، ونحو ذلك يجئ في جميع أصناف العبادات، ولا يختص بالصلاة.
فنقول: إن توقف تعيين المأمور به في نظر المكلف على أحد هذه الأمور - بحيث ما لم يقصده لم يتشخص المأتي به على كونه امتثالا لأحد الخطابات - فلا كلام في وجوب القصد، وهو مسألة التعيين، ودليله قد تقدم.
وأما لو لم يكن التعيين موقوفا على شئ من ذلك فلا دليل على لزوم قصد شئ من ذلك، إذ اللازم إتيان المأمور به بقصد التقرب.
وأما عد صفات المأمور به ولواحقها فلا دخل لها في ذلك، ولا ربط لها في امتثال الأمر، ومجرد كونه في الواقع متصفا بهذه الصفات لا يوجب قصد ذلك كله.
ولو قيل: إن التعيين لا يحصل إلا بذلك. قلنا: فرض كلامنا فيما يتعين بدونه، مع أنا نقول: إنكار التعيين بدون تصور هذه الصفات مناف للوجدان، إذ التفات الذهن إلى شئ معين في الواقع من دون ملاحظة أوصافه - وإن كان لو التفت إليها لعلمها وتخيلها - غير عزيز بل هو الغالب في الأفعال وخطابات العرف وقصود المكلفين في أمور معاشهم ومعادهم، فمن اعتبر قصد الوجه والأداء والقضاء ونظائر ذلك تفريعا على مسألة التعيين فلا يطرد كلامه في جميع الفروض، وقس عليه سائر الصفات.
نعم، ظاهر كلام المتقدمين اعتبار قصد الوجوب والندب تعبدا ونحن نمنعه، سيما مع ورود الخطابات بالطلب من دون تعيين الوجه المستلزم على تقدير اعتباره تأخير البيان عن وقت الحاجة، وعسر تميز الواجب والمندوب في أغلب الأوامر، بل ربما يقال: إن اعتبار الوصفين مناف لغاية العبودية الكاملة، مع