يقابل كل بمثله.
وبالجملة: ماله جابر مقصود للعقلاء في أمور معاشهم ومعادهم لا يعد ضررا وإن كان نقصا في أحد المذكورات.
فعلى هذا: ما ورد في الشرع من التكاليف بعد وجود النفع الأخروي في الجميع بل النفع الدنيوي من دفع بلية وحفظ مال وزيادة نعمة - كما هو مقتضى الآيات والأخبار في الزكاة والصدقة ونظائر ذلك - لا يعد ضررا حقيقة، وذلك واضح، بل هذا في الحقيقة نفع، لأن ما يصل إلى المكلف بذلك من الخير أضعاف ما أصابه من النقص ظاهرا.
وما ورد من مثل القصاص ونحوه، فإنما هو جبر لما وقع من الضرر، وكذلك الدية ونحوه على ما قرره الشارع الحكيم. وكل ما فيه تحمل لمنقصة فمقابل بمثوبة لا يخفى على من اعتقد بوعد الحق الغير المكذوب.
فلا ينتقض بورود ما هو ضرر في الشريعة. ولا يلزم من ذلك عدم إمكان معارضة دليل بقاعدة الضرر، لأنه كاشف عن نفع دنيوي أو أخروي، فلا وجه لنفيه بقاعدة الضرر، إذ الأصل عدم تحقق ذلك، والمفروض أن كونه ضررا في الظاهر مقطوع ومقابلته بالنفع محتمل، فما لم يقم دليل قوي محكم دال على ثبوته حتى يعلم كونه في الواقع مقابلا لنفع، فينفيه قاعدة الضرر.
فإذا تعارض - مثلا - دليل دال على ثبوت ضرر مع دليل نفيه بالعموم من وجه، فلا يعلم من ذلك تخصيص أحد الدليلين بالآخر حتى يعلم أنه ليس من الضرر، فلا بد من دليل راجح مخصص لذلك حتى نعرف أنه خارج عن هذا الموضوع، فتدبر جدا.
وتوضيحه: أن الدليل المثبت على قسمين:
قسم هو دال على نفس الضرر - كالزكاة والحج ونحوهما - ولا ريب أن بعد دلالة الدليل على ذلك نعرف أنه ليس بضرر.