وغيرها، كما عددنا لك مواردها. ولم يقم دليل خاص على تعين اندفاع الضرر بالخيار إلا في غبن بيع التلقي والعيب - في وجه ضعيف - وبعض عيوب النكاح، مع أن الفقهاء - كما ذكرنا لك الموارد - عينوا في كل مقام اندفاعه بالخيار، فإن ارتفاع ضرر الغبن والتصرية ونحو ذلك كما يمكن بالخيار يمكن ببذل ما به التفاوت من خارج، أو بإرجاعه من الثمن، فلا وجه لتعين الخيار، مع أن أغلب الخيارات الماضية - بل كلها - يمكن أن يجعل لها ما يقوم مقامها في رفع الضررية.
فنقول: لو كان حكمهم بالخيار في هذه المقامات من دليل خارج - من إجماع أو عمل برواية واردة في بعض الأفراد وإلحاق غيره به بإلغاء الفارق وتنقيح المناط أو اتحاد الطريق - فلا بحث، لكن الظاهر أنهم يثبتون هذا من نفس قاعدة الضرر، لا مع انضمام أمر خارج.
والذي أراه: أنهم يلاحظون اندفاع الضرر الواقع مهما أمكن بحيث لا يلزم منه ضرر آخر في مال أو غيره، إذ لو لزم ذلك لم ينفع ذلك في رفع الضرر، لثبوته من وجه آخر، ويلاحظون إمضاء ما وقع في الجملة مهما أمكن ولا يبادرون إلى الأبطال.
فلو فرض الغبن - مثلا - فيمكن الاندفاع بالانفساخ القهري، لكنه مناف لبقاء العقد، ولا داعي إلى رفعه بالمرة. ويمكن ارتفاعه ببذل مقدار الغبن من المال أو من الثمن - مثلا - خاصة، لكنه ضرر وارد على الغابن من جهة أنه غاية ما أضر المالك بأنه أخذ ماله بما هو أقل من قيمته كثيرا حتى ينتفع به، ويمكن رفع ذلك بأن المالك يسترجع ماله، فدفع المال الاخر لا داعي له، لأنه أيضا ضرر جديد لا علة له، وإرجاع شئ من الثمن مناف لما وقع من المعاوضة الصحيحة.
فإذا دار الأمر بين التزام دفع مال أو إبطال معاوضة أو ارتكاب ما ينافي مقتضاها من الملك أو رفع حكم من أحكام العقد، فلا ريب أن الأخير أولى وأقدم، لان ما عداه أشد بالنسبة إليه، والضرورة تتقدر بقدرها، والضرر إذا اندفع بمجرد