فكذا يختلف بالكم والكيف، والنهي شامل للجميع. فأنت إذا قدرت على دفع ضرر العين وجب عليك، ولا يسقط بتعذر دفع ضرر الوصف أو المنفعة، فلا تذهل.
[فإني غير متمكن من بسط المقال لمكان الاستعجال] (1) وثالثها: أن المتبادر من هذه النصوص - سواء جعلناها نفيا أو نهيا - لزوم رفع الضرر على من أضر، فإنا نرى أن الموالي إذا خاطبوا عبيدهم أو الحكام إذا كتبوا على منصوبهم ورعيتهم مثل هذه العبارة لا يفهمون منه إلا لزوم رفعه على من صار سببا له، وهذا هو المنشأ أيضا في حكم الأصحاب بذلك في الموارد المذكورة.
مع أن في جميع تلك الموارد يمكن أن يقال لهم: إن نفي الضرر لا يدل إلا على عدم هذا الحكم، وأما إثبات ما تجعلونه حكما في المقامات فلا دلالة فيه، بل فهم الأصحاب حقيقة قرينة أخرى على هذا المعنى لو لم يتم دعوى التبادر، فكيف مع ثبوته! كما لا يخفى على من لاحظ العرف وطريقة أصحاب الرئاسة والسياسة.
ورابعها: دلالة صحيحة الكناني الحاكمة بضمان من أضر بشئ من طريق المسلمين، ونحو ذلك رواية الحلبي، وقد تقدمتا (2) فإن صريحهما وقوع الضمان - الذي هو الجابر - على المضر. وأما البحث في شمولهما لما هو في رتبة التسبيب أو المباشرة خاصة فذلك كلام آخر. وكذا في رواية سمرة (3)، فإنه دفع ضرر عرض الأنصاري بقلع نخلة سمرة.
وفي هذه النصوص دلالة على أن هذا الضمان والضرر الواقع (4) ثانيا من جهة كون الأضرار منه أولا، فيعم جميع الموارد.
وخامسها: أن ما هو ضرر، إما أن يقع من الحق الواجب - تبارك وتعالى - من