والفرق ما ذكرناه في صدر البحث. وكون اشتقاقه من العود لا يدل على كون كل عود عادة لجواز اعتبار الملكة والاستعداد في مفهومها.
نعم، يدل على عدم صدقه بدون العود، وبه يرد مذهب من قال بأنها تتحقق بالواحدة في الحيض (1).
وأما الثلاث، فهو ظاهر الأكثر في تحقق العادة، وهو محتمل لأمرين:
أحدهما: كون الثالثة كاشفة عن تحقق العادة بالثانية.
وثانيهما: كونها ناقلة من زمان تحققها.
والفرق بين الأول والمرتين: أن بمجرد تحقق المرتين لا يحكم بحصول العادة على الكشف، بمعنى: أنه يشترط في صدق العادة بالثانية لحوق الثالثة، وليس للثالثة مدخلية، بل التقيد داخل وإن كان القيد خارجا. وبعبارة أخرى:
تعقب الثالثة للثانية (2) شرط في صدق العادة بالثانية.
وافتراق الثاني عنه لا يحتاج إلى بيان.
والذي أراه الصدق العرفي في الثالثة على طريق النقل، وبمجرد الثانية لا أظن صدق العادة، إلا أن ظاهر جمع من فقهائنا الاكتفاء بها.
وثانيهما: أن المدار حصول العادة في كل زمان ومكان، أو في مكان واحد في زمن واحد. وعلى الثاني هل يسري الحكم بذلك إلى الكل، أو يتحقق في مورده خاصة؟ وعلى التقادير هل يدور الحكم مدار الاعتياد وجودا وعدما، - فبالحصول يحصل وبالعدم ينعدم - أو يدور مداره وجودا خاصة؟ بمعنى: أنه متى ما تحقق تعلق الحكم ولا يزول بالزوال.
وتنقيح البحث: أن العادة بنفسها لو جعلت في كلام الشارع موضوعا لحكم كما في الحيض والنفاس والتوابع في العقود وفي نقود المعاملة وعيبية المرض