قلت أولا: إن هذا الكلام يتم فيما له أسماء خاصة من المقادير المتدرجة (1) كالأصبع والشبر والذراع والميل والفرسخ واليوم والشهر والسنة والمد والرطل والصاع، ونحو ذلك.
وأما ما كانت المراتب بإضافة العدد إلى ذلك المقدار حتى يتزايد، كقولك:
عشرون شبرا أو أربعة آلاف ذراع أو أربعة وعشرون إصبعا أو عشرة أمداد أو ألف ومائتا رطل أو خمسون يوما ونحو ذلك، فلا، لأنا نرى العرف لا يطلقون على ما نقص من الأذرع واحد أنه أربعة آلاف وإن أطلقوا عليه الميل، وكذا لو نقص إصبع واحد لا يقال: أربعة وعشرون وإن قيل عليه: الذراع.
فدعوى هذا الكلام في المكسورات على إطلاقه في غير محله، إذ طائفة من هذه التحديدات وردت في الشرع من القسم الثاني دون الأول، بل الغالب ذلك، وإذا لم يجر هذا الكلام في نحوه فالباقي يلحق به بعدم القول بالفصل.
فإن قلت: إلحاق الموضوع بعدم القول بالفرق لا وجه له.
قلت: غرضي أنه لو لم تثبت حقيقة الموضوع من أحد الطرفين ففي الحكم يتمسك بعدم القول بالفرق.
فإن قلت: معلوم أن هذا في طرف الملحق به لعدم إمكان المسامحة وعدم جريان طريق أهل العرف به، وفي طرف الملحق معلوم خلافه.
قلت: هذا غير قادح في الحكم بالإلحاق ما لم يثبت في الثاني الأعمية.
وثانيا نقول: لا ريب أن المعنى اللغوي في هذه الألفاظ إنما هو ما يوافق المقدار بالتحقق (2) - كما هو المصرح به في كلام اللغويين، بل الظاهر إطباقهم على ذلك - وهذه التوسعة في العرف إما من باب المجاز أو النقل أو الاشتراك لفظا، إذ الاشتراك المعنوي في اللغة معلوم الانتفاء، بل لا يكاد ينازع فيه منازع، وثبوته