أحدها: من طلوع الشمس من الأفق الحسي، بمعنى كون مركزها فوق الأفق، أو خروج القرص تاما - والأول أظهر - إلى غروبها فيه على أحد الاحتمالين، والثاني أقرب. وبعبارة أخرى: لا يدخل فيه الليل، ولا ما بين الطلوعين للفجر، ولاله وللشمس، وإن كان في هذا المقام بعد ذلك صور واحتمالات، لكنه كلام آخر.
وثانيها: إطلاقه على ذلك المتقدم مع إضافة ما بين طلوع الفجر الصادق وطلوع الشمس إلى ذلك.
وثالثها: إطلاقه على مجموع اليوم والليلة من الطلوع إلى الطلوع.
ولم أقف على من احتمل الوجه الرابع، وهو كونه من طلوع الفجر الكاذب إلى الغروب، مع أن ما بين الطلوعين عند أهل التنجيم هو من الفجر الكاذب كما صرحوا به، وإنما الكلام في الحقيقة من بين هذه المعاني.
والحق أن المعنى الثالث مجاز، لأنه خلاف المتبادر، ويصح السلب عن المجموع المركب، وقرينة التقابل بين اليوم والليلة في العرف واللغة. ومجرد الاستعمال لو ثبت فهو لا يفيد الحقيقة، مع أنه غير ثابت، إذ الظاهر أنه تخيل من دخول الليلة في بعض استعمالات العرف من باب اللزوم أو بالقرينة.
والحق أن الاستعمال في مثل ذلك أيضا في النهار، وأما دخول الليلة فيعلم من خارج، ولم يعهد من كتب أهل اللغة غير ما ذكر من الاستعمال.
وأما المعنيان الأولان: فالحق أن الثاني حقيقة في العرف واللغة، لأنه متبادر منه، ولا يصح سلبه عنه، ونص أهل اللغة أيضا على ذلك، ومقابلة الليلة المطلقة على ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر.
نعم، الكلام في المعنى الأول هل هو حقيقة أم لا؟ وجهان، بل قولان. والذي أراه أنه حقيقة فيه أيضا، لعدم صحة السلب على الإطلاق، ولكنه هل هو على الاشتراك لفظا أو معنى؟ احتمالان، والذي يقوى هو الثاني، فالوضع للقدر المشترك بين الأمرين.