ولكن استقراء موارد الشرع قضى بكون المراد باليوم: المعنى الثاني، كما يظهر بالتتبع، حتى اشتهر في ألسنتهم: اليوم الشرعي.
ولا يخفى عليك أن هذا في غير ما كان هناك قرينة على الخلاف كالاستيجار على عمل، فإن يوم الأجير من طلوع الشمس، بل لو انكسر منه أيضا في الجملة فلا بأس، نظرا إلى أن الاطلاق - كما يأتي - ينصرف إلى المعتاد، وهو فيه كذلك.
وقد يكون يجتمع فيه الجهتان كيوم التراوح، فإن الشرعية تقضي بكونه يوم الصوم، وتعلقه بالعمل يقتضي (1) بكونه يوم الأجير، وقوينا فيه جانب الشرع تغليب للتعبد وعملا بالمتيقن بعد جريان استصحاب النجاسة.
وأما اليوم والليلة: فلا خفاء في معناه.
وأما الشهر: فاستعمالاته ثلاثة:
أحدها: الشهر الشمسي، وهو مدة مسير الشمس في أحد البروج الاثني عشر، فقد يكون ثلاثين، وقد يزيد واحد، وقد يزيد اثنان.
وهذا الإطلاق مجاز غير متبادر عن إطلاقه، ويصح سلبه عنه، وليس لهذا المعنى في اللغة والعرف أثر، وإنما هو اصطلاح من أهل التنجيم.
وثانيها: إطلاقه على ثلاثين يوما، وهو المسمى بالشهر العددي.
وثالثها: إطلاقه على ما بين الهلالين، وافق ثلاثين أو نقص واحد. والكلام في أنه هل هو حقيقة فيهما أو في أحدهما دون الاخر؟ وعلى الأول هل هو على الاشتراك لفظا أو معنى؟
الذي أراه الاشتراك معنى على سبيل التشكيك، دفعا للمجاز والاشتراك، وتبادر القدر المشترك، وعدم صحة السلب عنهما.
لكن الفرد المتبادر منه هو الهلالي، فيحمل إطلاقه عليه ما لم تكن هناك قرينة على العددي أو الأعم. وسيأتي في باب اللوازم والأحكام ما ينقح هذا المطلب.