وليس غرضنا من هذا الكلام: أن التحديد غير تعبدي بل المدار على حصول العلة، بل المقصود: أن المصالح الواقعية - على ما يفهم من تتبع الموارد - ليست مقصورة على الحد الخاص، بل شئ (1) يمكن حصولها بالأقل وبالأكثر، كما لا يخفى على المنصف. ومعلوم للفقيه: أن غرض الشارع أولا وبالذات أيضا (2) هذه التحديدات، بل إلغاء الخصوصية وقصر الحكم على الضوابط العامة.
ويرشد إلى ذلك تعليل النصوص والفتاوى أيضا في هذه المقامات بملائمات ومناسبات، اتي بها في النصوص بسياق العلة وفي الفتاوى بطريق الحكمة.
وسر جعلهم له حكمة - مع استدلالهم به وظهوره من النص من باب التعليل - لما عرفوا من طريقة الشارع عدم إحالة الأحكام على مثل هذه الأمور الغير المنضبطة.
وقد خالف في هذه التحديدات جماعة من الأصحاب في بعض مقامات الباب، رجوعا إلى (3) ما هو المعلوم من القاعدة والتعليل وطرحا للخصوصية، حتى اجترأ الكاشاني في باب الكر، حيث جعل الميزان في الانفعال التغير والعدم - كما استفيد من النص والإجماع - وجعل الكرية كاشفة عن التغير وعدم التغير (4) فيكون قول الشارع: (لا ينجسه شئ) أي: لا يغيره. وإن شئت تفصيل كلامه فراجع ما كتبناه في المياه.
وجعل الفاضل العلامة باب الحريم مبنية على عدم الأضرار (5) وألغى خصوصية الأذرع المحدودة في الشرع (6) المفتى بها عند فقهائنا.
ونظير ذلك قاله بعضهم في البئر والبالوعة وفي سنة التعريف، حيث جعل الميزان اليأس من المالك. ولا ريب أنه يمكن إبداء مثل هذا الاعتبار المناسب