وحله على الأجمال - كما قرر في جواب الأشاعرة - أن تنجز العلم يقتضي كون المعلوم واقعا في الخارج، ووقوعه في الخارج قابل لوقوعه على مقتضى إمكانه الذي لا يخلو من أحد أمرين، أو على كونه قهريا جبريا لا بد من صدوره ولا اختيار فيه، فإذا كان أعم فيكفي في ذلك الاحتمال الأول.
فنقول: كون وقوعه في علم الله كاف في تنجيز (1) هذا العقد وإن كان بالذات محتملا، وتمام الكلام موكول إلى محله.
وأما الأول من الثاني (2): فلأن كون الإجازة ونحوها من الامارات لإمضاء ما وقع مسلم، لكنه وقع البحث في إمضائه من هذا الوقت أو من أول الأمر، وهذا عين البحث.
ثم إن كونه من ذلك الوقت أيضا لا يدل على كونه في الواقع كذلك قبل الأذن والإجازة والقبض والقرعة ونحو ذلك، غايته إرادته وقوع هذا الأمر من أول السبب الان، إذ المجيز يقول: أجزت أن يكون هذا الأمر كذلك، وظاهره وقوعه بعده - وكذلك الكلام في نظائره - ولا يقول: أجزت أنه كان في الواقع وأنا كنت لم أطلع عليه، وإن هذا إلا مجازفة! فالتمسك بظاهر لفظ الإجازة ونحوه غير واضح المأخذ.
وأما الثاني منه: فبأن كون الأسباب إنشاءات غير قاض بحصول الأثر من حين ذلك الإنشاء، بل معناه: الأحداث من حينه، وليس كلما قصد وقع، لإمكان ارتباط تأثيره على شئ آخر، فإن الإيجاب في قولك: (بعت) - مثلا - إنشاء قطعا، وليس معناه: بعت بعد قبولك، بل الان، مع أن تأثيره يتوقف على آن القبول، فإذا دل الدليل على شرطية القبض ونحوه صار كذلك.