المالك مناقض لمفهوم الملك. وأما كون مالكه مراعى بشرط مترقب فإذا حصل صار ملكا لواحد من ذلك الوقت الأول، وإذا لم يحصل صار لاخر أيضا من الأول، كمسألتنا هذه، إذ بالقبول يكون ملكا للموصى له من حين الموت، وبالعدم للوارث كذلك (1).
وثانيا: نقول بانتقاله إلى الوارث كمالك المبيع في الفضولي، وبقائه عنده مراعى، فإذا قبل أثر في الملك من حين الموت، وبهذا يجتمع الأدلة ويقضى حق الشرطية ويندفع اعتراضهم - كما ذكر ثاني المحققين (2) - باستلزامه تلقي الموصى له المال من الوارث، وهو خلاف الواقع، إذ على ما ذكرنا يكون التلقي من زمن الموت، فيكون من الميت، إذ من اتصل تملكه إلى زمن موت الموصي فهو آخذ للمال منه حقيقة، والوارث وإن ملك لكن انسلخ عنه آثار الملك من أول زمان تملكه، فليس مالكا حقيقة، والتلقي (3) منه فرع جريان آثار الملك عليه في زمان ما، والمفروض عدمه.
فتدبر بعين البصيرة والأنصاف تجد أن هذا المذهب المختار أخذ بمجامع الكلام، ومتحمل لاندفاع المشكلات وحل الاشكالات بحذافيرها، بحيث لا يبقى بعده كلام إلا لمتعسف و (4) متكلف أو معاند مكابر أو قاصر في النظر غير ماهر.
نعم، بقي علينا بقية، وهو: أن ما اخترناه خلاف ظاهر الأصحاب، الذين لا يسع مثلي مخالفة أمثالهم، بل من (5) هو أدون منهم بمراتب، بل لا يعد كلمتي في جنب كلامهم قطرة من بحر، فإن (كلمة الله هي العليا).
فنقول - مستعينا بقوة الله، ومستمدا من بركة أنفاسهم الزكية وعقولهم النقية القدسية، سائلا من الله فتح باب (6) وإلهاما إلى الصواب -: إنه لا يخفى على من