رضاه، ففي الحقيقة وقع هذا الأمر عليه برضاه وإن لحق، ولا مانع من أن يقول الشارع: (إذا رضيت اليوم يكون ذلك لك من أمس) فدخوله برضاه في الواقع.
وثالثا: أن المجيز يرضى اليوم يكون ذلك الداخل في ملكه من زمان السبب داخلا ولا يمتنع منه، وعد مثل ذلك من الدخول القهري ممنوع، وكذلك في نية العدول، فإنه برضاه يقلب ما عمله إلى عمل آخر، وهذا كاشف عن سبق كونه كذلك.
وأما الرابع: فلأنا نقول: إن القبول داخل في ماهية العقد المجعول سببا، ومقتضاه: عدم تحقق المعلول بدونه على مقتضى القاعدة، بخلاف الأذن والإجازة والقبض والعدول وتمام الأجل ونحو ذلك ليس جزءا من السبب، إذ مقتضى الأدلة عدم مدخلية ذلك في المتقضى، وبقي ما دل على اشتراطه من نص أو فتوى، وقد مر أن دلالته على أزيد مما ذكرناه منتف، وهذا هو الفارق بينها وبين قبول العقود، وكفى به فارقا.
وأما قبول الوصية فالفرق فيه صحة الوصية في جملة من الموارد من دون قبول الكاشفة من كونه إيقاعا لا يؤخذ في مفهومها القبول، ولو ثبت اعتباره فيكون كالقبض في غيره، مضافا إلى ما ذكرناه أن كونه ناقلا يقضي بالملك بلا مالك، فأي فرق أزيد من ذلك؟!
وأما الخامس: فنقول: من قال بالكشف لا يصحح مثل هذا البيع المستلزم لاجتماع المالكين فيه، أو يخصص الكشف بغير مثل هذه الصورة.
أو نقول في حل هذه الصورة: بأن تملك البائع فضولا لهذا المبيع مع بقاء العقد الفضولي على حاله غير ممكن، لأن المالك إن كان نقل ذلك إليه باطلاعه على العقد الفضولي كان هذا فسخا له، وإن لم يكن باطلاعه فنقول: إن قبول العاقد وتملكه كاشف عن عدم رضاه بذلك العقد الذي عقده، إذ لو كان راضيا لكان هذا ملك المشتري فكيف يملكه؟ فإذا كشف عن عدم رضاه فلا يثمر بعد ذلك الإجازة.
لا يقال: إنه لا معنى لقولك: إن تملكه كاشف عن عدم رضاه، لأن عدم رضاه