فإن قلت: لم يدل هنا دليل عليه.
قلنا: عاد الكلام إلى دلالة الدليل، لا إلى الانشائية.
وأما الثالث: فلأنا لا نمنع من كون ذلك أسبابا تامة على تحقق الآثار، وتخلف أثر المقتضي لوجود مانع غير مستغرب، فيكون المعنى: أنه يجب الوفاء بالعقد، فيفيد الملك بشرط رضا المالك. ولا ريب أن الذي يفهم من ذلك: أن الوفاء بعد الشرط، لا قبله، وهو دليل تأثير العقد في الملك.
ودعوى: أن معنى العقد: الملك من حينه، فالوفاء به إبداء الملك من حين العقد، لا من حين الأذن، مدفوعة أولا: بأن هذا على قواعد سائر العلل، فإن تخلف الشرط مانع، ولا ريب أن ورود النار على القطن - مثلا - مقتض للإحراق، لكن بشرط عدم حيلولة الرطوبة الزائدة، فإذا مضى زمان وجفت الرطوبة أحرقت النار حينئذ، لا قبله، مع أنا لا نقول: إن المحرق ليس هو النار بل هو مع عدم الرطوبة.
وهنا كذلك متى ما أثر العقد من حين الإجازة صار الوفاء بنفس العقد، لا بشئ آخر، لكن بعد ارتفاع مانعه. وهكذا نقول في كل ما مر من الموارد.
وأما الرابع: فلأنا نمنع كون تأثير هذا الأمر المتأخر في السبب المتقدم، فإن زوال المانع لا يؤثر في المقتضي شيئا، وإنما يؤثر في المعلول، لأنه جزء علته التامة.
وأما الخامس: فبأن حديث عروة البارقي لم يدل على سبق الصحة في الواقع، وأن قول النبي [صلى الله عليه وآله] كاشف عنه، كما لا يخفى على المنصف. نعم، دل على مضي البيع من أول أمره بإجازته الان - كما قررناه في الإجازة - وهو لا يفيد الكشف بهذا المعنى.
وخبر الوليدة قضية في واقعة، فلعله عفى عن ذلك، أو لم يكن هناك شئ قابل للأجرة، مع أن هذا أعم من الكشف بهذا المعنى، فلعله إمضاء لما مضى من حين الرضا، لا أنه كان في الواقع فانكشف.