قيل: الشرط - على ما قرروه في الأصول - ما يتوقف وجود الشئ عليه، ولا يتحقق بدونه، وفي هذه الموارد أطلقوا الشرط على هذه الأمور اللاحقة، فينبغي أن يكون مرادهم ما اصطلحوا عليه.
قلنا أولا: إن الأصحاب - مع تصريحهم بالشرطية في الأذن والإجازة والنية وقبول الوصية والقبض ونحو ذلك - نصوا في ذلك كله على الكشف غالبا، ويظهر من مطاوي كلامهم ذلك في الكل، وإرجاع لفظ (الشرط) على (1) هذا المعنى أسهل من إرجاع هذه التصريحات إلى خلافه، بل هذا غير ممكن أصلا.
وثانيا نقول: لا يلزم من كونه شرطا عدم جواز تقدم المشروط عليه، لجواز كون شرطيته على هذا النحو، بمعنى أنه لو لم يكن القبض - مثلا - بعد العقد فالعقد باطل، ولو كان القبض هناك فالعقد صحيح من أوله، وهذا أيضا نوع توقف، ولا مانع منه بعد مساعدة الأدلة والفتوى.
قال المحقق الثاني في قبول الوصية: إن مدخلية القبول في حصول الملك منفية بالأصل، واعتباره فيه يكفي فيه كونه كاشفا، فليس الملك الثابت في الحال معلقا بشرط مستقبل، بل انكشاف الحال عندنا هو الشرط (2) انتهى (3).
وحاصل الجواب: أن بعد قضاء الأدلة بتمامية السبب لا نسلم اشتراط ذلك الأمر المبحوث عنه بأزيد من كونه كاشفا عن ذلك. وأما كونه ناقلا حتى يتوقف الملك والتأثير عليه فلا.
وأما الثالث: فنقول: إن ورود شئ على المكلف قهرا إذا دل عليه الدليل لا مانع منه، كما في الإرث ونحوه.
وثانيا: نمنع كون الكشف مستلزما للقهر، بل نقول دخول ذلك في ملكه، أو كون عمله الصادر منه نوعا خاصا في علم الله إنما هو باعتبار ما يعلمه من لحوق