وأما خطاب أمر تعلق (1) بالمكلف، فالشئ الذي يوجده في الخارج امتثال لذلك الخطاب من أول الأمر، ولا وجه لتأخره إلى مضي زمان، وكذلك الغرض من الصيغة إحداث الأثر من حين صدورها، لا بعد مضي زمان، فلو كان الأثر لا يترتب عليه إلا بعد لحوق ذلك الأمر لكان هذا تعليقا في الإنشاء وترديدا في النية، والتعليق من جملة المبطلات، كما يقرر في مقامه.
واللازم على القول بالنقل التعليق في ذلك كله، لأن قوله: (بعت) - مثلا - إن لم يكن انتقالا من حينه يكون معناه: أحدثت النقل في آن الإجازة أو في آن القبض أو نحو ذلك، وهو شئ قابل للوقوع والعدم، فيكون معنى ذلك: إن وقع ذلك يتحقق النقل، وإلا فلا.
فإن قلت: ليس هذا التعليق من قصد العاقد وإنما هذا من جعل الشارع، فإن العاقد وإن قصد النقل دفعة من حينه، وكذلك مباشر (2) الإيقاع، لكن الشارع متى أوقفه على شرط متأخر فيكون التأثير منوطا به من الشرع، لا تعليقا.
قلت: متى ما لم يكن الانتقال من حينه سواء كان من القصد (3) أو الشارع يكون بظاهره (4) منافيا لظاهر معنى الإنشاء، بخلاف ما لو قلنا بالوقوع من حينه وجعلنا ما اعتبر شرطا كاشفا.
ولأن (5) الأدلة الدالة على هذه الأسباب - كعموم (أوفوا بالعقود) وعتق رقبة والطلاق والصدقات والصوم والزكاة - كلها قاضية بكون المطلوب بالأوامر حاصلا بأول الإتيان به، وكذلك كون نفس العقد والإيقاع سببا تاما في حصول (6) الأثر من ملك أو استحقاق أو فك أو ثواب، وبكون ترتب ذلك كله عليه بمجرده من دون الافتقار إلى شئ، فلو لم نجعله كاشفا لكان المؤثر الأمران معا، وهو