ومنه تخيير الامام في قتال أحد العدوين من جهتين مع تساويهما من كل وجه.
ويمكن التوقف في الواقع على أطفال المسلمين ان أقام على واحد قتله وان انتقل إلى آخر قتله، وكذا لو هاج البحر واحتيج إلى القاء بعض المسلين فلا أولوية. ولو كان في السفينة مال أو حيوان ألقى قطعا، ولو كان في الأطفال من أبواه حربيان قدم.
ولو تقابلت المصلحة والمفسدة فان غلبت المفسدة درئت كالحدود، فإنها مفسدة بالنظر إلى الا لم وفي تركها مفسدة أعظم، فتدرأ المفسدة العظمى باستيفائها لان في ذلك مراعاة الأصلح، واليه الإشارة بقوله تعالى " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما " الآية (1). وان غلبت المصلحة قدمت، كالصلاة مع النجاسة أو كشف العورة، فان فيه مفسدة لما فيه من الاجلال بتعظيم الله في أنه لا يناجى على تلك الأحوال، الا أن تحصيل الصلاة أهم.
ومنه نكاح الحر الأمة، وقتل نساء الكفار وصبيانهم، ونبش القبور عند الضرورة، وتقرير الكتابي على دينه، والنظر إلى العورة عند الضرورة. وقد قيل منه قطع فلذة (2) من الفخذ لدفع الموت عن نفسه، أما لدفع الموت عن غيره فلا خلاف في عدم جوازه.
ومن انغماز المصلحة في جنب المفسدة فيسقط اعتبار المصلحة رد شهادة المتهم وحكمه كالشاهد لنفسه والحاكم لها، لان قوة الداعي الطبيعي قادحة في الظن المستفاد من الوازع الشرعي قدحا ظاهرا لا يبقى منه الا ظن ضعيف لا يصلح للاعتماد عليه.