المسؤول وثلاث ظروف لغيره.
(الخامس) انا إذا قلنا " قبل ما بعد بعده رمضان " فهل يجعل هذه الظروف متجاورة على ما نطق بها في اللفظ فيتعين أن يكون الشهر المسؤول عنه هو رمضان فان كل شئ فرض له أبعاد كثيرة متأخرة عنه فهي قبل جميعها فرمضان قبل بعده وبعد بعده وجميع ما يفرض من ذلك إلى الأبد فهو قبل تلك الظروف كلها المصوفة ببعد وان كانت غير متناهية، وكذلك يصدق أيضا أنه جعل بعد قبله وقبل قبله إلى الأزل (1)، فيكون رمضان قال ويبطل ما قاله ابن الحاجب فإنه عين الأول شوالا والثاني شعبان، ويقتضي ما ذكرناه أن يكون الشهر المسؤول عنه هو رمضان في المسألتين.
أو نقول مقتضى اللغة خلاف هذا التقدير وان لا تكون هذه الظروف المنطوق بها مترتبة على ما هي في اللفظ، بل قولنا " قبل ما بعد بعده " فبعد الأول المتوسط بين قبل وبعد متأخر في المعنى وقبل المتقدمة متوسطة بين البعدين منطبقة على ما بعد الأخيرة ويكون بعد الأخيرة بعدا وقبلا معا.
وليس ذلك محالا، لأنه بالنسبة إلى شهرين واعتبارين، وتقدير ذلك أن العرب إذا قالت، غلام غلام غلامي " فهؤلاء ينعكسون في المعنى، فالغلام الأول هو الغلام الذي ملكه عبد عبدك، والغلام الأخير هو عبدك الذي ملكته وهو ملك عبد الأخير، فملك ذلك الأخير العبد المقدم ذكره. وكذلك إذا قلت " صاحب صاحب صاحبي "، فالمبدوبه هو أبعد الثلاثة عنك والأقرب إليك هو الأخير والمتوسط متوسط.