التفصيل، لأنا لما علمنا أن النذر موجب وعلمنا أن الايجاب يتبع خصوصيات المصلحة علمنا هنا تحقق خصوصية مصلحة الوجوب مع جواز كون المصلحة المحصلة للوجوب هي الخلق الكريم الذي هو الوفاء بالوعد والأدب مع الرب سبحانه وتعالى حيث قرن باسمه الشريف (1)، والأدب هو المقصود بالتكليف عاجلا كما أن الثواب هو المقصود آجلا. ويجوز أيضا أن يصير النذر عاجلا للفعل المنذور في الوقت المخصوص لطفا في بعض الواجبات العقلية أو السمعية فيجب كما وجبت السمعيات لكونها ألطافا.
وينبه عليه أن الشئ إذا صار واجبا زاد اهتمام المكلف بفعله والحرص على تحصيله، وذلك ممرن (2) على الاهتمام بواجب آخر ومحرص عليه، قال الله تعالى " فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى " (3). وكذا الكلام في الانقلاب إلى الحرام فيه ما ذكر من الوجوه.
ومن هنا يظهر جواز نذر فعل الواجب وترك الحرام، لان الاهتمام حينئذ يكون أتم، وعقد الهمة بهما فعلا وتركا أقوى، فيدخلان في حيز لطف جديد بالنسبة إلى ما كان لطفا فيه.
فان قلت: لا يجب في اللطف البلوغ إلى أقصى غايته، وقد كان اللطف حاصلا قبل فعل النذر، فلم يصادف النذر ما يحتاج إليه من اللطف، فكيف يجب المندوبات (4) أو تنعقد بنذر الواجبات (5).