الحقيقي، ويجاب بأنه يدل على تحريم استعمال ما صدق عليه الاسم، والظاهر الحقيقة في الكل من المعاني المنصوص عليها من أهل اللغة وليس من قبيل المشترك، لان اللفظ لم يوضع لكل واحد على حدة بل وضع للجميع، على أنه الراجح جواز استعمال المشترك في جميع معانيه مع عدم التضاد كما تقرر في الأصول. وثالثها أنه يحتمل أن تكون المعازف المنصوص على تحريمها هي المقترنة بشرب الخمر كما ثبت في رواية بلفظ: ليشربن أناس من أمتي الخمر تروح عليهم القيان وتغدو عليهم المعازف. ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط، وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الحديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف، واللازم باطل بالاجماع فالملزوم مثله. وأيضا يلزم في مثل قوله تعالى: * (إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين) * (الحاقة: 34) أنه لا يحرم عدم الايمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين. فإن قيل: تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الالزام قد علم من دليل آخر.
فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضا كما سلف، على أنه لا ملجئ إلى ذلك حتى يصار إليه. ورابعها أن يكون المراد يستحلون مجموع الأمور المذكورة، فلا يدل على تحريم واحد منها على الانفراد، وقد تقرر أن النهي عن الأمور المتعددة أو الوعيد على مجموعها لا يدل على تحريم كل فرد منها. ويجاب عنه بما تقدم في الذي قبله. واستدلوا ثانيا بالأحاديث المذكورة في الباب التي أوردها المصنف رحمه الله تعالى، وأجاب عنها المجوزون بما تقدم من الكلام في أسانيدها، ويجاب بأنها تنتهض بمجموعها ولا سيما وقد حسن بعضها، فأقل أحوالها أن تكون من قسم الحسن لغيره، ولا سيما أحاديث النهي عن بيع القينات المغنيات فإنها ثابتة من طرق كثيرة: منها ما تقدم، ومنها غيره قد استوفيت ذلك في رسالة، وكذلك حديث: إن الغناء ينبت النفاق فإنه ثابت من طرق قد تقدم بعضها وبعضها لم يذكر، منه عن ابن عباس عند ابن صصري في أماليه، ومنه عن جابر عند البيهقي، ومنه عن أنس عند الديلمي، وفي الباب عن عائشة وأنس عند البزار والمقدسي وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي بلفظ: صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ورنة عند مصيبة. وأخرج ابن سعد في السنن عن جابر أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين:
صوت عند نعمة لهو ولعب ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة وخمش وجه وشق جيب ورنة شيطان. وأخرج الديلمي عن أبي أمامة مرفوعا: أن الله يبغض صوت