الخلخال كما يبغض الغناء والأحاديث في هذا كثيرة قد صنف في جمعها جماعة من العلماء كابن حزم وابن طاهر وابن أبي الدنيا وابن حمدان الأربلي والذهبي وغيرهم.
وقد أجاب المجوزون عنها بأنه قد ضعفها جماعة من الظاهرية والمالكية والحنابلة والشافعية، وقد تقدم ما قاله ابن حزم، ووافقه على ذلك أبو بكر بن العربي في كتابه الاحكام وقال: لم يصح في التحريم شئ، وكذلك قال الغزالي وابن النحو في العمدة، وهكذا قال ابن طاهر إنه لم يصح منها حرف واحد، والمراد ما هو مرفوع منها، وإلا فحديث ابن مسعود في تفسير قوله تعالى: * (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) * (لقمان: 6) قد تقدم أنه صحيح، وقد ذكر هذا الاستثناء ابن حزم فقال:
إنهم لو أسندوا حديثا واحدا فهو إلى غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا حجة في أحد دونه، كما روي عن ابن عباس وابن مسعود في تفسير قوله تعالى: * (ومن الناس) * الآية، أنهما فسرا اللهو بالغناء، قال: ونص الآية يبطل احتجاجهم لقوله تعالى : * (ليضل عن سبيل الله) * وهذه صفة من فعلها كان كافرا، ولو أن شخصا اشترى مصحفا ليضل به عن سبيل الله ويتخذها هزوا لكان كافرا، فهذا هو الذي ذم الله تعالى، وما ذم من اشترى لهو الحديث ليروح به نفسه لا ليضل به عن سبيل الله انتهى.
قال الفاكهاني: لم أعلم في كتاب الله ولا في السنة حديثا صحيحا صريحا في تحريم الملاهي، وإنما هي ظواهر وعمومات يتأنس بها لا أدلة قطعية، واستدل ابن رشد بقوله تعالى : * (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) * (القصص: 55) وأي دليل في ذلك على تحريم الملاهي والغناء وللمفسرين فيها أربعة أقوال، الأول: أنها نزلت في قوم من اليهود أسلموا فكان اليهود يلقونهم بالسب والشتم فيعرضون عنهم والثاني: أن اليهود أسلموا فكانوا إذا سمعوا ما غيره اليهود من التوراة وبدلوا من نعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصفته أعرضوا عنه وذكروا الحق. الثالث: أنهم المسلمون إذا سمعوا الباطل لم يلتفتوا إليه. الرابع:
أنهم ناس من أهل الكتاب لم يكونوا يهودا ولا نصارى وكانوا على دين الله، كانوا ينتظرون بعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم فلما سمعوا به بمكة أتوه فعرض عليهم القرآن فأسلموا، وكان الكفار من قريش يقولون لهم: أف لكم اتبعتم غلاما كرهه قومه وهم أعلم به منكم، وهذا الأخير قاله ابن العربي في أحكامه، وليت شعري كيف يقوم الدليل من هذه الآية؟ انتهى. ويجاب بأن الاعتبار بعموم اللفظ