بأنه شاذ منكر، لأن في سياقه أنه شهد خيبر وهو خطأ، فإنه لم يسلم إلا بعدها على الصحيح.
وقد روي الحديث من طريق أخرى عن خالد وفيها مجهول، ولا يقال إن جابرا أيضا لم يشهد خيبر كما أعل الحديث بذلك بعض الحنفية. لأنا نقول: ذلك ليس بعلة مع عدم التصريح بحضوره، فغايته أن يكون من مراسيل الصحابة. وأما الرواية الثانية عنه المذكورة في الباب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أطعمهم لحوم الخيل، وفي الأخرى أنهم سافروا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فليس في ذلك تصريح بأنه كان في خيبر فيمكن أن يكون في غيرها، ولو فرضنا ثبوت حديث خالد وسلامته عن العلل لم ينتهض لمعارضة حديث جابر وأسماء المتفق عليهما، مع أنه قد ضعف حديث خالد أحمد والبخاري وموسى بن هارون والدارقطني والخطابي وابن عبد البر وعبد الحق وآخرون. ومن جملة ما استدل به القائلون بالتحريم قوله تعالى: * (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة) * (النحل: 8) وقد تمسك بها أكثر القائلين بالتحريم وقرروا ذلك بأن اللام للتعليل، فدل على أنها لم تخلق لغير ذلك، لأن العلة المنصوصة تفيد الحصر، فإباحة أكلها تقتضي خلاف الظاهر من الآية، وقرره أيضا بأن العطف يشعر بالاشتراك في الحكم، وبأن الآية سيقت مساق الامتنان، فلو كان ينتفع بها في الاكل لكان الامتنان به أعظم، وأجيب إجمالا بأن الآية مكية اتفاقا، والاذن كان بعد الهجرة، وأيضا ليست نصا في منع الاكل، والحديث صريح في الحل، وأجيب أيضا تفصيلا بأنا لو سلمنا أن اللام للعلة لم نسلم إفادته الحصر في الركوب والزينة، فإنه ينتفع بالخيل في غير هما وفي غير الاكل اتفاقا، ونظير ذلك حديث البقرة المذكور في الصحيحين حين خاطبت راكبها فقالت: إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث، فإنه مع كونه أصرح في الحصر لكونه بإنما مع اللام لا يستدل به على تحريم أكلها، وإنما المراد الأغلب من المنافع، وهو الركوب في الخيل والتزين بها والحرث في البقر، وأيضا يلزم المستدل بالآية أنه لا يجوز حمل الأثقال على الخيل والبغال والحمير ولا قائل به. وأما الاستدلال بالعطف فغايته دلالة اقتران وهي من الضعف بمكان. وأما الاستدلال بالامتنان فهو باعتبار غالب المنافع. قوله : ذبحنا فرسا لفظ البخاري: نحرنا فرسا وقد جمع بين الروايتين بحمل النحر على الذبح مجازا وقد وقع ذلك مرتين. قوله: يأكل لحم دجاج هو اسم جنس مثلث الدال، ذكره المنذري وابن مالك وغيرهما، ولم يحك النووي أن ذلك مثلث، وقيل: إن الضم ضعيف، قال