حديث عائشة قد قدمنا أنه رواه أحمد في مسنده من طريق ابن إسحاق قال:
حدثني صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد اللبن عبد الله بن عتبة عنها. وحديث أبي عبيدة أخرجه أيضا البيهقي وهو في مسند مسدد وفي مسند الحميدي أيضا. قوله:
من جزيرة العرب قال الأصمعي: جزيرة العرب ما بين أقصى عدن أبين إلى ريف العراق طولا، ومن جدة وما والاها من أطراف الشام عرضا، وسميت جزيرة لإحاطة البحار بها يعني بحر الهند وبحر فارس والحبشة. وأضيفت إلى العرب، لأنها كانت بأيديهم قبل الاسلام وبها أوطانهم ومنازلهم. قال في القاموس: وجزيرة العرب ما أحاط بها بحر الهند وبحر الشام ثم دجلة والفرات، أو ما بين عدن أبين إلى أطراف الشام طولا، ومن جدة إلى ريف العراق عرضا انتهى. وظاهر حديث ابن عباس أنه يجب إخراج كل مشرك من جزيرة العرب سواء كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا. ويؤيد هذا ما في حديث عائشة المذكور بلفظ: لا يترك بجزيرة العرب دينان وكذلك حديث عمر وأبي عبيدة بن الجراح لتصريحهما بإخراج اليهود والنصارى، وبهذا يعرف أن ما وقع في بعض ألفاظ الحديث من الاقتصار على الامر بإخراج اليهود لا ينافي الامر العام، لما تقرر في الأصول أن التنصيص على بعض أفراد العام لا يكون مخصصا للعام المصرح به في لفظ آخر وما نحن فيه من ذلك. قوله: ونسيت الثالثة قيل هي تجهيز أسامة، وقيل يحتمل أنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تتخذوا قبري وثنا. وفي الموطأ ما يشير إلى ذلك. وظاهر الحديث أنه يجب إخراج المشركين من كل مكان داخل في جزيرة العرب. وحكى الحافظ في الفتح في كتاب الجهاد عن الجمهور أن الذي يمنع منه المشركون من جزيرة العرب هو الحجاز خاصة، قال: وهو مكة والمدينة واليمامة وما والاها، لا فيما سوى ذلك مما يطلق عليه اسم جزيرة العرب، لاتفاق الجميع على أن اليمن لا يمنعون منها مع أنها من جملة جزيرة العرب، قال: وعن الحنفية يجوز مطلقا إلا المسجد، وعن مالك يجوز دخولهم الحرم للتجارة. وقال الشافعي: لا يدخلون الحرم أصلا إلا بإذن الامام لمصلحة المسلمين انتهى. قال ابن عبد البر في الاستذكار ما لفظه: قال الشافعي جزيرة العرب التي أخرج عمر اليهود والنصارى منها مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها، فأما اليمن فليس من جزيرة العرب انتهى. قال في البحر مسألة: ولا يجوز إقرارهم في الحجاز، إذ أوصى صلى الله عليه وآله وسلم بثلاثة