البخاري من حديث أبي قتادة وهو وهم، والذي في البخاري عن أبي قتادة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وهذا الدليل إذا ضممته إلى ما أسلفنا لك من حمل قوله في حديث المسئ: ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن على الفاتحة لما تقدم، انتهض ذلك للاستدلال به على وجوب الفاتحة في كل ركعة، وكان قرينة لحمل قوله في حديث المسئ: ثم كذلك في كل صلاتك فافعل على المجاز وهو الركعة وكذلك حمل لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب عليه. ويؤيد وجوب الفاتحة في كل ركعة حديث أبي سعيد عند ابن ماجة بلفظ: لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بالحمد وسورة في فريضة أو غيرها. قال الحافظ:
وإسناده ضعيف. وحديث أبي سعيد أيضا بلفظ: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة رواه إسماعيل بن سعيد الشاكنجي، قال ابن عبد الهادي في التفتيح: رواه إسماعيل هذا هو صاحب الإمام أحمد من حديث عبادة وأبي سعيد بهذا اللفظ، وظاهر هذه الأدلة وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة من غير فرق بين الإمام والمأموم، وبين إسرار الامام وجهره، وسيأتي الكلام على ذلك. (ومن جملة المؤيدات) لوجوب الفاتحة في كل ركعة ما أخرجه مالك في الموطأ والترمذي وصححه عن جابر أنه قال: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الامام. وذهب الحسن البصري والهادي والمؤيد بالله وداود وإسحاق إلى أن الواجب في الصلاة قراءة الفاتحة وقرآن معها مرة واحدة في أي ركعة أو مفرقة. وقال زيد بن علي والناصر: أن الواجب القراءة في الأوليين، وكذا قال أبو حنيفة، لكن من غير تخصيص للفاتحة كما سلف عنه. وأما الاخريان فلا تتعين القراءة فيهما عندهم، بل إن شاء قرأ وإن شاء سبح، زاد أبو حنيفة: وإن شاء سكت.
(واحتج القائلون) بوجوب الفاتحة مرة واحدة بالأحاديث المذكورة في الباب، فإن المعنى الحقيقي للصلاة هو جميعها لا بعضها. وقد عرفت الجواب عن ذلك، واحتج من قال بوجوبها في الأوليين فقط بما روي عن علي عليه السلام أنه قرأ في الأوليين وسبح في الآخريين، وقد اختلف القائلون بتعيين الفاتحة في كل ركعة هل تصح صلاة من نسيها؟
فذهبت الشافعية وأحمد بن حنبل إلى عدم الصحة، وروى ابن القاسم عن مالك أنه إن نسيها في ركعة من صلى ركعتين فسدت صلاته، وإن نسيها في ركعة من صلى ثلاثية أو رباعية فروي عنه أنه يعيدها ولا تجزئه، وروي عنه أنه يسجد سجدتي السهو، وروي عنه أنه يعيد تلك الركعة ويسجد للسهو بعد السلام ومقتضى الشرطية التي نبهناك