فقط لأنها وقعت جوابا للشرط، فعلى هذا لا يقتضي تأخر أفعال المأموم عن الامام إلا على القول بتقدم الشرط على الجزاء. وقد قال قوم: إن الجزاء يكون مع الشرط فينبغي على هذا المقارنة. قوله: وإذا قرأ فأنصتوا احتج بذلك القائلون أن المؤتم لا يقرأ خلف الامام في الصلاة الجهرية، وهم زيد بن علي والهادي والقاسم وأحمد بن عيسى وعبيد الله بن الحسن العنبري وإسحاق بن راهويه وأحمد ومالك والحنفية، لكن الحنفية قالوا: لا يقرأ خلف الامام لا في سرية ولا جهرية، واستدلوا على ذلك بحديث عبد الله بن شداد الآتي وهو ضعيف لا يصلح للاحتجاج به كما ستعرف ذلك. (واستدل القائلون) أن المؤتم لا يقرأ خلف الامام في الجهرية بقوله تعالى: * (فاستمعوا له وأنصتوا) * (الأعراف: 204) وبحديث أبي هريرة الآتي ذهب الشافعي وأصحابه إلى وجوب قراءة الفاتحة على المؤتم من غير فرق بين الجهرية والسرية، سواء سمع المؤتم قراءة الإمام أم لا، وإليه ذهب الناصر من أهل البيت واستدلوا على ذلك بحديث عبادة بن الصامت الآتي، وأجابوا عن أدلة أهل القول الأول بأنها عمومات، وحديث عبادة خاص، وبناء العام على الخاص واجب كما تقرر في الأصول وهذا لا محيص عنه. ويؤيده الأحاديث المتقدمة القاضية بوجوب فاتحة الكتاب في كل ركعة من غير فرق بين الإمام والمأموم، لأن البراءة عن عهدتها إنما تحصل بناقل صحيح، لا بمثل هذه العمومات التي اقترنت بما يجب تقديمه عليها، وقد أجاب المهدي في البحر عن حديث عبادة بأنه معارض بحديث ما لي أنازع القرآن وهي من معارضة العام بالخاص وهو لا يعارضه، أما على قول من قال من أهل الأصول أنه يبنى العام على الخاص مطلقا وهو الحق فظاهر، وأما على قول من قال: إن العام المتأخر عن الخاص ناسخ له، وإنما يخصص المقارن والمتأخر بمدة لا تتسع للعمل فكذلك أيضا، لأن عبادة روى العام والخاص في حديثه الآتي فهو من التخصيص بالمقارن، فلا تعارض في المقام على جميع الأقوال. (ومن جملة) ما استدل به القائلون بوجوب السكوت خلف الامام في الجهرية ما تقدم من قول جابر: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الامام وهو مع كونه غير مرفوع مفهوم لا يعارض بمثله منطوق حديث عبادة. (وقد اختلفت) الشافعية في قراءة الفاتحة هل تكون عند سكتات الامام أو عند قراءته؟ وظاهر الأحاديث الآتية أنها تقرأ عند قراءة الإمام، وفعلها حال سكوت الامام إن أمكن أحوط لأنه يجوز عند أهل القول الأول، فيكون فاعل ذلك آخذا بالاجماع، وأما اعتياد
(٢٣٧)