قراءتها حال قراءة الإمام للفاتحة فقط، أو حال قراءته للسورة فقط فليس عليه دليل، بل الكل جائز وسنة، نعم حال قراءة الإمام للفاتحة مناسب من جهة عدم الاحتياج إلى تأخير الاستعاذة عن محلها الذي هو بعد التوجه، أو تكريرها عند إرادة قراءة الفاتحة إن فعلها في محلها أولا، وأخر الفاتحة إلى حال قراءة الإمام للسورة، ومن جهة الاكتفاء بالتأمين مرة واحدة عند فراغه، وفراغ الامام من قراءة الفاتحة إن وقع الاتفاق في التمام، بخلاف من أخر قراءة الفاتحة إلى حال قراءة الإمام للسورة، وقد بالغ بعض الشافعية، فصرح بأنه إذا اتفقت قراءة الإمام والمأموم في آية خاصة من آي الفاتحة بطلت صلاته، روى ذلك صاحب البيان من الشافعية عن بعض أهل الوجوه منهم وهو من الفساد بمكان يغني عن رده.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقل: هل قرأ معي أحد منكم آنفا؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: فإني أقول: ما لي أنازع القرآن؟ قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يجهر فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الصلوات بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن.
الحديث أخرجه أيضا مالك في الموطأ والشافعي وأحمد وابن ماجة وابن حبان.
وقوله: فانتهى الناس عن القراءة مدرج في الخبر كما بينه الخطيب، واتفق عليه البخاري في التاريخ وأبو داود ويعقوب بن سفيان والذهلي والخطابي وغيرهم، قال النووي: وهذا مما لا خلاف فيه بينهم. قوله: ما لي أنازع بضم الهمزة للمتكلم وفتح الزاي مضارع، ومفعوله الأول مضمر فيه، والقرآن مفعوله الثاني، قاله شارح المصابيح، واقتصر عليه ابن رسلان في شرح السنن. والمنازعة المجاذبة، قال صاحب النهاية: أنازع أي أجاذب، كأنهم جهروا بالقراءة خلفه فشغلوه فالتبست عليه القراءة، وأصل النزع الجذب ومنه نزع الميت بروحه. (والحديث) استدل به القائلون بأنه لا يقرأ المؤتم خلف الامام في الجهرية وهو خارج عن محل النزاع، لأن الكلام في قراءة المؤتم خلف الامام سرا، والمنازعة إنما تكون مع جهر المؤتم لا مع إسراره، وأيضا لو سلم دخول ذلك في المنازعة لكان هذا الاستفهام الذي للانكار عاما لجميع القرآن أو مطلقا في جميعه، وحديث