العلماء، وحكى القاضي عياض عن بعض أصحاب مالك وجوب السورة. قال النووي: وهو شاذ مردود. وأما السورة في الركعة الثالثة والرابعة فكره ذلك مالك، واستحبه الشافعي في قوله الجديد دون القديم. وقد ذهب إلى إيجاب قرآن مع الفاتحة عمر وابنه عبد الله وعثمان بن أبي العاص والهادي والقاسم والمؤيد بالله كذا في البحر. وقدره الهادي بثلاث آيات، قال القاسم والمؤيد بالله أو آية طويلة، والظاهر ما ذهبوا إليه من إيجاب شئ من القرآن، وأما التقدير بثلاث آيات فلا دليل عليه إلا توهم أنه لا يسمى ما دون ذلك قرآنا لعدم إعجازه كما قال المهدي في البحر وهو فاسد، لصدق القرآن على القليل والكثير لأنه جنس، وأيضا المراد ما يسمى قرآنا لا ما يسمى معجزا ولا تلازم بينهما، وكذلك التقدير بالآية الطويلة. نعم لو كان حديث أبي سعيد المصرح فيه بذكر السورة صحيحا لكان مفسرا للمبهم في الأحاديث من قوله: فما زاد. وقوله: فصاعدا. وقوله: وما تيسر ولكان دالا على وجوب الفاتحة وسورة في كل ركعة ولكنه ضعيف كما عرفت. وقد عورضت هذه الأحاديث بما في البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة أنه قال في كل صلاة يقرأ: فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسمعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم، وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت، وإن زدت فهو خير، ولكن الظاهر من السياق أن قوله: وإن لم تزد الخ ليس مرفوعا ولا مما له حكم الرفع فلا حجة فيه. وقد أخرج أبو عوانة هذا الحديث كرواية الشيخين، إلا أنه زاد في آخره وسمعته يقول: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب قال الحافظ في الفتح:
وظاهر سياقه أن ضمير سمعته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فيكون مرفوعا بخلاف رواية الجماعة ثم قال نعم. قوله: ما أسمعنا وما أخفى عنا يشعر بأن جميع ما ذكره متلقى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيكون للجميع حكم الرفع اه. وهذا الاشعار في غاية الخفاء باعتبار جميع الحديث، فإن صح جمع بينه وبين الأحاديث المصرحة بزيادة ما تيسر من القرآن بحملها على الاستحباب. وقد قيل: إن المراد بقوله فصاعدا دفع توهم حصر الحكم على الفاتحة، كذا قال الحافظ، وهو معنى ما قال البخاري في جزء القراءة أن قوله فصاعدا نظير قوله: تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا قال الحافظ في الفتح: وادعى ابن حبان والقرطبي وغيرهما الاجماع على عدم وجوب قدر زائد على الفاتحة وفيه نظر، لثبوته عن بعض الصحابة وغيرهم اه.