الحديث من طريقه عن أبي هريرة بلفظ: أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أنادي أنه لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد كما سيأتي، وليست الرواية الأولى بأولى من هذه، وأيضا أين تقع هذه الرواية على فرض صحتها بجنب الأحاديث المصرحة بفرضية فاتحة الكتاب وعدم إجزاء الصلاة بدونها؟ (ومن أدلتهم) أيضا ما روى ابن ماجة عن ابن عباس أنه لما مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر حديث صلاة أبي بكر بالناس ومجئ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليهم وفيه: فكان أبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والناس يأتمون بأبي بكر، قال ابن عباس وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القراءة من حيث كان بلغ أبو بكر. ويجاب عنه بأنه روي بإسناد فيه قيس بن الربيع، قال البزار: لا نعلم روي هذا الكلام إلا من هذا الوجه بهذا الاسناد، وقيس قال ابن سيد الناس:
هو ممن اعتراه من ضعف الرواية وسوء الحفظ بولاية القضاء ما اعترى ابن أبي ليلى وشريكا، وقد وثقه قوم وضعفه آخرون، على أنه لا مانع من قراءته صلى الله عليه وآله وسلم للفاتحة بكمالها في غير هذه الركعة التي أدرك أبا بكر فيها، لأن النزاع إنما هو في وجوب الفاتحة في جملة الصلاة لا في وجوبها في كل ركعة، فسيأتي هذا خلاصة ما في هذه المسألة من المعارضات. (وقد استدل) بهذا الحديث على وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة بناء على أن الركعة تسمى صلاة وفيه نظر، لأن قراءتها في ركعة واحدة تقتضي حصول مسمى القراءة في تلك الصلاة، والأصل عدم وجوب الزيادة على المرة الواحدة، وإطلاق اسم الكل على البعض مجاز لا يصار إليه إلا لموجب فليس في الحديث، إلا أن الواجب في الصلاة التي هي اسم لجميع الركعات قراءة الفاتحة مرة واحدة، فإن دل دليل خارجي على وجوبها في كل ركعة وجب المصير إليه، وقد نسب القول بوجوب الفاتحة في كل ركعة النووي في شرح مسلم والحافظ في الفتح إلى الجمهور. ورواه ابن سيد الناس في شرح الترمذي عن علي وجابر، وعن ابن عون والأوزاعي وأبي ثور قال: وإليه ذهب أحمد وداود، وبه قال مالك إلا في الناسي، وإليه ذهب الامام شرف الدين من أهل البيت. قال المهدي في البحر: أن الظاهر مع من ذهب إلى إيجابها في كل ركعة، واستدلوا أيضا على ذلك بما وقع عند الجماعة، واللفظ للبخاري من قوله (ص) للمسئ: ثم افعل ذلك في صلاتك كلها بعد أن أمره بالقراءة، وفي رواية لأحمد وابن حبان والبيهقي في قصة المسئ صلاته أنه قال في آخره: ثم افعل ذلك في كل ركعة وقد نسب صاحب ضوء النهار هذه الرواية إلى