أنه لم يرفع يديه، وجمع العراقي عدد من روى رفع اليدين في ابتداء الصلاة فبلغوا خمسين صحابيا منهم العشرة المشهود لهم بالجنة. قال الحافظ في الفتح: وذكر شيخنا الحافظ أبو الفضل أنه تتبع من رواه من الصحابة رضي الله عنهم فبلغوا خمسين رجلا (واحتج من قال) بعدم الاستحباب بحديث جابر بن سمرة عند مسلم وأبي داود قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟ اسكنوا في الصلاة وأجيب عن ذلك بأنه ورد على سبب خاص، فإن مسلما رواه أيضا من حديث جابر بن سمرة قال: كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم قلنا: السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيديه إلى الجانبين، فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
علام تومؤن بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس، إنما يكفي أحدكم أن يضع يديه على فخذه ثم يسلم على أخيه من عن يمينه ومن عن شماله ورد هذا الجوب بأنه قصر للعام على السبب وهو مذهب مرجوح كما تقرر في الأصول، وهذا الرد متجه لولا أن الرفع قد ثبت من فعله صلى الله عليه وآله وسلم ثبوتا متواترا كما تقدم، وأقل أحوال هذه السنة المتواترة أن تصلح لجعلها قرينة لقصر ذلك العام على السبب أو لتخصيص ذلك العموم على تسليم عدم القصر، وربما نازع في هذا بعضهم فقال: قد تقرر عند بعض أهل الأصول أنه إذا جهل تاريخ العام والخاص اطرحا وهو لا يدري أن الصحابة قد أجمعت على هذه السنة بعد موته صلى الله عليه وآله وسلم وهم لا يجمعون إلا على أمر، فارقوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أنه قد ثبت من حديث ابن عمر عند البيهقي أنه قال بعد أن ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الاحرام وعند الركوع وعند الاعتدال، فما زالت تلك صلاته حتى لقي الله تعالى. وأيضا المتقرر في الأصول بأن العام والخاص إذا جهل تاريخهما وجب البناء، وقد جعله بعض أئمة الأصول مجمعا عليه كما في شرح الغاية وغيره. وربما احتج بعضهم بما رواه الحاكم في المدخل من حديث أنس بلفظ: من رفع يديه في الصلاة فلا صلاة له وربما رواه ابن الجوزي عن أبي هريرة بنحو حديث أنس وهو لا يشعر أن الحاكم قال بعد إخراج حديث أنس أنه موضوع. وقد قال في البدر المنير: إن في إسناده محمد بن عكاشة الكرماني، قال الدارقطني: يضع الحديث، وابن الجوزي جعل حديث أبي هريرة المذكور من جملة الموضوعات. (وقد اختلفت الأحاديث) في محل الرفع عند تكبيرة الاحرام هل يكون قبلها أو بعدها أو مقارنا لها؟ ففي بعضها قبلها كحديث ابن عمر الآتي