أنه قال: أجمع العلماء على جواز رفع اليدين عند افتتاح الصلاة. قال الحافظ: وممن قال بالوجوب أيضا الأوزاعي والحميدي شيخ البخاري وابن خزيمة من أصحابنا، نقله عنه الحاكم في ترجمة محمد بن علي العلوي، وحكاه القاضي حسين عن الامام، وقال ابن عبد البر: كل من نقل عنه الايجاب لا تبطل الصلاة بتركه إلا في رواية عن الأوزاعي والحميدي، قال الحافظ:
ونقل بعض الحنفية عن أبي حنيفة أنه يأثم تاركه، ونقل القفال عن أحمد بن سيار أنه يجب، ولا تصح صلاة من لم يرفع، ولا دليل يدل على الوجوب ولا على بطلان الصلاة بالترك، نعم من ذهب من أهل الأصول إلى أن المداومة على الفعل تفيد الوجوب قال به هنا. ونقل ابن المنذر والعبدري عن الزيدية أنه لا يجوز رفع اليدين عند تكبيرة الاحرام ولا عند غيرها انتهى. وهو غلط على الزيدية، فإن إمامهم زيد بن علي رحمه الله ذكر في كتابه المشهور بالمجموع حديث الرفع وقال باستحبابه، وكذا أكابر أئمتهم المتقدمين والمتأخرين صرحوا باستحبابه، ولم يقل بتركه منهم إلا الهادي يحيى بن الحسين، وروي مثل قوله عن جده القاسم بن إبراهيم، وروي عنه أيضا القول باستحبابه، وروى صاحب التبصرة من المالكية عن مالك أنه لا يستحب، وحكاه الباجي عن كثير من متقدميهم، والمشهور عن مالك القول باستحباب الرفع عند تكبيرة الاحرام، وإنما حكي عنه أنه لا يستحب عند الركوع والاعتدال منه، قال ابن عبد الحكم: لم يرو أحد عن مالك ترك الرفع فيهما إلا ابن القاسم. (احتج القائلون) بالاستحباب بالأحاديث الكثيرة عن العدد الكثير من الصحابة حتى قال الشافعي: روى الرفع جمع من الصحابة لعله لم يرو حديث قط بعدد أكثر منهم. وقال البخاري في جزء رفع اليدين: روى الرفع تسعة عشر نفسا من الصحابة، وسرد البيهقي في السنن وفي الخلافيات أسماء من روى الرفع نحوا من ثلاثين صحابيا وقال: سمعت الحاكم يقول: اتفق على رواية هذه السنة العشرة المشهود لهم بالجنة فمن بعدهم من أكابر الصحابة، قال البيهقي: وهو كما قال. قال الحاكم والبيهقي أيضا: ولا يعلم سنة اتفق على روايتها العشرة فمن بعدهم من أكابر الصحابة على تفرقهم في الأقطار الشاسعة غير هذه السنة. وروى ابن عساكر في تاريخه من طريق أبي سلمة لا عرج قال:
أدركت الناس كلهم يرفع يديه عند كل خفض ورفع، قال البخاري في الجزء المذكور: قال الحسن وحميد بن هلال: كان أصحاب رسول الله (ص) يرفعون أيديهم ولم يستثن أحدا منهم. قال البخاري: ولم يثبت عن أحد من أصحاب رسول الله (ص)