قال ابن عبد البر: كل من روى عنه ترك الرفع في الركوع والرفع منه روى عنه فعله إلا ابن مسعود. وقال محمد بن نصر المروزي: أجمع علماء الأمصار على مشروعية ذلك إلا أهل الكوفة. وقال ابن عبد الحكم: لم يرو أحد عن مالك ترك الرفع فيهما إلا ابن القاسم، والذي نأخذ به الرفع على حديث ابن عمر وهو الذي رواه ابن وهب وغيره عن مالك، ولم يحك الترمذي عن مالك غيره. ونقل الخطابي وتبعه القرطبي في المفهم أنه آخر قول مالك. وإلى الرفع في الثلاثة المواطن ذهب الشافعي وأحمد وجمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم، وروي عن مالك والشافعي قول أنه يستحب رفعهما في موضع رابع وهو إذا قام من التشهد الأوسط. قال النووي:
وهذا القول هو الصواب، فقد صح في حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يفعله رواه البخاري. وصح أيضا من حديث أبي حميد الساعدي، رواه أبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة وسيأتي ذلك. وقال أبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة: لا يستحب في غير تكبيرة الاحرام، قال النووي: وهو أشهر الروايات عن مالك.
(واحتجوا) على ذلك بحديث البراء بن عازب عند أبي داود والدارقطني بلفظ:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لم يعد وهو من رواية يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه. وقد اتفق الحفاظ أن قوله: ثم لم يعد مدرج في الخبر من قول يزيد بن أبي زياد. وقد رواه بدون ذلك شعبة والثوري وخالد الطحان وزهير وغيرهم من الحفاظ. وقال الحميدي: إنما روى هذه الزيادة يزيد ويزيد يزيد. وقال أحمد بن حنبل:
لا يصح، وكذا ضعفه البخاري وأحمد ويحيى والدارمي والحميدي وغير واحد. قال يحيى بن محمد بن يحيى: سمعت أحمد بن حنبل يقول هذا الحديث حديث رواه.
وكان يزيد يحدث به برهة من دهره لا يقول فيه ثم لا يعود، فلما لقنوه يعني أهل الكوفة تلقن وكان يذكرها، وهكذا قال علي بن عاصم. وقال البيهقي: اختلف فيه على عبد الرحمن بن أبي ليلى. وقال البزار قوله في الحديث: ثم لم يعد لا يصح.
وقال ابن حزم: إن صح قوله لا يعود دل على أنه صلى الله عليه وآله وسلم فعل ذلك ولبيان الجواز، فلا تعارض بينه وبين حديث ابن عمر وغيره. (واحتجوا) أيضا بما روي عن عبد الله بن مسعود من طريق عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود