لا يستلزم أنها منها، كما أن الثياب الحسنة تزيد في جمال الذات وليست منها، نعم وقع في بعض روايات الحديث بلفظ أنه لما قال صلى الله عليه وآله وسلم: فإنك لم تصل كبر على الناس أنه من أخف صلاته لم يصل، حتى قال صلى الله عليه وآله وسلم: فإن انتقصت من ذلك شيئا فقد انتقصت من صلاتك فكان أهون عليهم. فكون هذه المقالة كانت أهون عليهم يدل على أن نفي التمام المذكور بمعنى نفي الكمال، إذ لو كان بمعنى نفي الصحة لم يكن فرق بين المقالتين، ولما كانت هذه أهون عليهم، ولا يخفاك أن الحجة في الذي جاءنا عن الشارع من قوله وفعله وتقريره لا في فهم بعض الصحابة سلمنا أن فهمهم حجة لكونهم أعرف بمقاصد الشارع، فنحن نقول بموجب ما فهموه، ونسلم أن بين الحالتين تفاوتا، ولكن ذلك التفاوت من جهة أن من أتى ببعض واجبات الصلاة فقد فعل خيرا من قيام وذكر وتلاوة، وإنما يؤمر بالإعادة لدفع عقوبة ما ترك، وترك الواجب سبب للعقاب، فإذا كان يعاقب بسبب ترك البعض لزمه أن يفعله إن أمكن فعله وحده، وإلا فعله مع غيره، والصلاة لا يمكن فعل المتروك منها إلا بفعل جميعها. وقد أجاب بمعنى هذا الجواب الحافظ ابن تيمية حفيد المصنف وهو حسن، ثم إنا نقول: غاية ما ينتهض له دعوى من قال إن نفي التمام بمعنى نفي الكمال هو عدم الشرطية لا عدم الوجوب، لأن المجئ بالصلاة تامة كاملة واجب. وما أحسن ما قاله ابن تيمية في المقام ولفظه، ومن قال من الفقهاء إن هذا لنفي الكمال قيل: إن أردت الكمال المستحب فهذا باطل لوجهين: أحدهما أن هذا لا يوجد قط في لفظ الشارع أنه ينفي عملا فعله العبد على الوجه الذي وجب عليه ثم ينفيه لترك المستحبات، بل الشارع لا ينفي عملا إلا إذا لم يفعله العبد كما وجب عليه. والثاني لو نفي لترك مستحب لكان عامة الناس لا صلاة لهم ولا صيام، فإن الكمال المستحب متفاوت، إذ كل من لم يكملها كتكميل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقال لا صلاة له اه. قوله: وتحليلها التسليم سيأتي إن شاء الله الكلام عليه في باب كون السلام فرضا.
وعن مالك بن الحويرث: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: صلوا كما رأيتموني أصلي رواه أحمد والبخاري، وقد صح عنه أنه كان يفتتح بالتكبير.
الحديث يدل على وجوب جميع ما ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة من الأقوال والأفعال، ويؤكد الوجوب كونها بيانا لمجمل قوله: أقيموا الصلاة وهو أمر