قوله: الأوليين بتحتانيتين تثنية الأولى، وكذا الأخريين. قوله: وسورتين أي في كل ركعة سورة، ويدل على ذلك ما ثبت من حديث أبي قتادة في رواية للبخاري بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة سورة وفيه دليل على إثبات القراءة في الصلاة السرية. وقد أخرج أبو داود والنسائي عن ابن عباس أنه سئل: أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال: لا، لا، فقيل له: فلعله كان يقرأ في نفسه؟ فقال خمسا هذه أشد من الأولى فكان عبدا مأمورا بلغ ما أرسل به الحديث. وهو كما قال الخطابي: وهم من ابن عباس، وقد أثبت القراءة في السرية أبو قتادة وخباب بن الإرث وغيرهما، والاثبات مقدم على النفي. وقد تردد ابن عباس في ذلك فروى عنه أبو داود أنه قال: لا أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في الظهر والعصر أم لا. وفي هذه الرواية دليل على أنه اعتمد في الأولى على عدم الدراية لا على قرائن دلت على ذلك. قوله: ويسمعنا الآية أحيانا فيه دلالة على جواز الجهر في السرية، وهو يرد على من جعل الاسرار شرطا لصحة الصلاة السرية، وعلى من أوجب في الجهر سجود السهو.
وقوله: أحيانا يدل على أنه تكرر ذلك منه. قوله: ويطول في الركعة الأولى استدل به على استحباب تطويل الأولى على الثانية، سواء كان التطويل بالقراءة بترتيلها مع استواء المقروء في الأوليين. وقد قيل: إن المستحب التسوية بين الأوليين، فاستدلوا بحديث سعد عند البخاري ومسلم وغيرهما وسيأتي. وكذلك استدلوا بحديث أبي سعيد الآتي عند مسلم وأحمد: أنه كان صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في الظهر في الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية وفي رواية لابن ماجة: أن الذين حزروا ذلك كانوا ثلاثين من الصحابة وجعل صاحب هذا القول تطويل الأولى المذكور في الحديث بسبب دعاء الاستفتاح والتعوذ.
وقد جمع البيهقي بين الأحاديث بأن الامام يطول في الأولى إن كان منتظرا لاحد وإلا سوى بين الأوليين. وجمع ابن حبان بأن تطويل الأولى إنما كان لأجل الترتيل في قراءتها مع استواء المقروء في الأوليين. قوله: وهكذا في الصبح إلخ فيه دليل على عدم اختصاص القراءة بالفاتحة وسورة في الأوليين، وبالفاتحة فقط في الأخريين، والتطويل في الأولى بصلاة الظهر، بل ذلك هو السنة في جميع الصلوات. قوله: فظننا أنه يريد إلخ فيه أن الحكمة في التطويل المذكور هي انتظار الداخل، وكذا روى هذه الزيادة ابن خزيمة وابن حبان. وقال القرطبي: لا حجة فيه لأن الحكمة لا تعلل