لأن الركعة حقيقة لجميعها، وإطلاقها على الركوع وما بعده مجاز لا يصار إليه إلا لقرينة، كما وقع عند مسلم من حديث البراء بلفظ: فوجدت قيامه فركعته فاعتداله فسجدته فإن وقوع الركعة في مقابلة القيام والاعتدال والسجود قرينة تدل على أن المراد بها الركوع. وقد ورد حديث: من أدرك ركعة من صلاة الجمعة بألفاظ لا تخلو طرقها عن مقال، حتى قال ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه: لا أصل لهذا الحديث إنما المتن: من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها وكذا قال الدارقطني والعقيلي. وأخرجه ابن خزيمة عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الامام صلبه وليس في ذلك دليل لمطلوبهم لما عرفت من أن مسمى الركعة جميع أذكارها وأركانها حقيقة شرعية وعرفية وهما مقدمتان على اللغوية كما تقرر في الأصول، فلا يصح جعل حديث ابن خزيمة وما قبله قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي. (فإن قلت) : فأي فائدة عن هذا في التقليد بقوله: قبل أن يقيم صلبه قلت: دفع توهم أن من دخل مع الامام ثم قرأ الفاتحة وركع الامام قبل فراغه منها غير مدرك. إذا تقرر لك هذا علمت أن الواجب الحمل على الادراك الكامل للركعة الحقيقية، لعدم وجود ما تحصل به البراءة من عهدة أدلة وجوب القيام القطعية وأدلة وجوب الفاتحة. وقد ذهب إلى هذا بعض أهل الظاهر وابن خزيمة وأبو بكر الضبعي، روى ذلك ابن سيد الناس في شرح الترمذي وذكر فيه حاكيا عمن روي عن ابن خزيمة أنه احتج لذلك بمروي عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: من أدرك الامام في الركوع فليركع معه وليعد الركعة وقد رواه البخاري في القراءة خلف الإمام من حديث أبي هريرة أنه قال: إن أدركت القوم ركوعا لم تعتد بتلك الركعة قال الحافظ: وهذا هو المعروف عن أبي هريرة موقوفا، وأما المرفوع فلا أصل له. وقال الرافعي تبعا للامام: إن أبا عاصم العبادي حكى عن ابن خزيمة أنه احتج به، وقد حكى هذا المذهب البخاري في القراءة خلف الإمام عن كل من ذهب إلى وجوب القراءة خلف الإمام، وحكاه في الفتح عن جماعة من الشافعية، وقواه الشيخ تقي الدين السبكي وغيره من محدثي الشافعية، ورجحه المقبلي. قال: وقد بحثت هذه المسألة وأحطتها في جميع بحثي فقها وحديثا فلم أحصل منها على غير ما ذكرت، يعني من عدم الاعتداد بإدراك الركوع فقط. قال العراقي في شرح الترمذي بعد أن حكى عن شيخه السبكي أنه كان يختار أنه لا يعتد بالركعة من لا يدرك الفاتحة ما لفظه وهو الذي يختاره اه. فالعجب
(٢٤١)