يدل على أنها ليست من الفاتحة، لأن الفاتحة سبع آيات بالاجماع، فثلاث في أولها ثناء أولها الحمد لله. وثلاث دعاء أولها اهدنا الصراط المستقيم، والرابعة متوسطة وهي إياك نعبد وإياك نستعين، ولم تذكر البسملة في الحديث ولو كانت منها لذكرت. قال النووي. وهو من أوضح ما احتجوا به، قال: وأجاب أصحابنا وغيرهم ممن يقول إن البسملة آية من الفاتحة بأجوبة: أحدها أن التنصيف عائد إلى جملة الصلاة لا إلى الفاتحة هذا حقيقة اللفظ. والثاني أن التنصيف عائد إلى ما يختص بالفاتحة من الآيات الكاملة. والثالث معناه فإذا انتهى العبد في قراءته إلى الحمد لله رب العالمين فحينئذ تكون القسمة انتهى. ولا يخفى أن هذه الأجوبة منها ما هو غير نافع ومنها ما هو متعسف.
(والحديث) أيضا يدل على وجوب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة وإليه ذهب الجمهور، وسيأتي البحث عن ذلك في الباب الذي بعد هذا إن شاء الله. وأما الاستدلال بهذا الحديث على ترك الجهر في الصلاة بالبسملة فليس بصحيح، قال اليعمري: لأن جماعة ممن يرى الجهر بها لا يعتقدونها قرآنا، بل هي من السنن عندهم كالتعوذ والتأمين، وجماعة ممن يرى الاسرار يعتقدونها قرآنا، ولهذا قال النووي: إن مسألة الجهر ليست مرتبة على إثبات مسألة البسملة، وكذلك احتجاج من احتج بأحاديث عدم قراءتها على أنها ليست بآية لما عرفت.
وعن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي تبارك الذي بيده الملك رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
الحديث أخرجه أيضا النسائي وابن ماجة والحاكم وابن حبان، وصححه وحسنه الترمذي، وأعله البخاري في التاريخ الكبير بأن عباسا الجشمي لا يعرف سماعه من أبي هريرة، ولكن ذكره ابن حبان في الثقات، وله شاهد من حديث ثابت عن أنس رواه الطبراني في الكبير بإسناد صحيح. (والحديث) استدل به من قال: إن البسملة ليست من القرآن، وقد تقدم ذكر أهل هذه المقالة في الباب الأول، وإنما استدلوا به لأن سورة تبارك ثلاثون آية بالاجماع بدون التسمية، ولهذا قال المصنف: ولا يختلف العادون أنها ثلاثون آية بدون التسمية انتهى. وأجيب عن ذلك بأن المراد عدد ما هو خاصة السورة لأن البسملة كالشئ المشترك فيه، وكذا الجواب عما روي عن أبي هريرة أن سورة الكوثر ثلاث آيات.
وعن أنس قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا له: ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: نزلت