وبعض رسغها وساعدها. (والحديث) يدل على مشروعية وضع الكف على الكف، وإليه ذهب الجمهور، وروى ابن المنذر عن ابن الزبير والحسن البصري والنخعي أنه يرسلهما ولا يضع اليمنى على اليسرى، ونقله النووي عن الليث بن سعد. ونقله المهدي في البحر عن القاسمية والناصرية والباقر. ونقله ابن القاسم عن مالك، وخالفه ابن الحكم فنقل عن مالك الوضع، والرواية الأولى عنه هي رواية جمهور أصحابه وهي المشهورة عندهم. ونقل ابن سيد الناس عن الأوزاعي التخيير بين الوضع والارسال. (احتج الجمهور) على مشروعية الوضع بأحاديث الباب التي ذكرها المصنف وذكرناها وهي عشرون عن ثمانية عشر صحابيا وتابعيين. وحكى الحافظ عن ابن عبد البر أنه قال: لم يأت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه خلاف. (واحتج القائلون) بالارسال بحديث جابر بن سمرة المتقدم بلفظ: ما لي أراكم رافعي أيديكم وقد عرفناك أن حديث جابر وارد على سبب خاص. (فإن قلت):
العبرة لعموم اللفظ لا بخصوص السبب، قلنا: إن صدق على الوضع مسمى الرفع فلا أقل من صلاحية أحاديث الباب لتخصيص ذلك العموم، وإن لم يصدق عليه مسمى الرفع لم يصح الاحتجاج على مشروعيته بحديث جابر المذكور. (واحتجوا) أيضا بأنه مناف للخشوع وهو مأمور به في الصلاة، وهذه المنافاة ممنوعة. قال الحافظ قال العلماء: الحكمة في هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل، وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع. ومن اللطائف قول بعضهم: القلب موضع النية، والعادة أن من احترز على حفظ شئ جعل يديه عليه ، انتهى. قال المهدي في البحر: ولا معنى لقول أصحابنا ينافي الخشوع والسكون. (واحتجوا) أيضا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم المسئ صلاته الصلاة ولم يذكر وضع اليمين على الشمال، كذا حكاه ابن سيد الناس عنهم وهو عجيب، فإن النزاع في استحباب الوضع لا وجوبه، وترك ذكره في حديث المسئ إنما يكون حجة على القائل بالوجوب، وقد علم أن النبي (ص) اقتصر على ذكر الفرائض في حديث المسئ. وأعجب من هذا الدليل قول المهدي في البحر مجيبا عن أدلة الجمهور بلفظ قلنا: أما فعله فلعله لعذر لاحتماله، وأما الخبر فإن صح فقوي، ويحتمل الاختصاص بالأنبياء انتهى. وقد اختلف في محل وضع اليدين وسيأتي الكلام عليه.
وعن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، قال أبو حازم: ولا أعلمه إلا ينمي