على الصبر والقياس مع النص الثابت والنهي المتكرر لا يعمل به عند من قال بوجوب الاحداد.
5 - (وعن أم سلمة قالت: جعلت على عيني صبرا بعد أن توفي أبو سلمة، فقال رسول الله (ص): إنه يشب الوجه) بفتح حرف المضارعة (فلا تجعليه إلا بالليل وانزعيه بالنهار، ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب قلت: بأي شئ أمتشط؟ قال: بالسدر رواه أبو داود والنسائي وإسناده حسن). فيه دليل على تحريم الطيب وهو عام لكل طيب وقد ورد في لفظ لا تمس طيبا ولكنه قد استثنى فيما سلف حال طهرها من حيضها وأذن لها في القسط والأظفار وقال البخاري القسط والكست مثل الكافور والقافور يجوز في كل منهما القاف والكاف. قال النووي: القسط والأظفار نوعان معروفان من البخور.
6 - (وعنها) أي أم سلمة (رضي الله عنها أن امرأة قالت: يا رسول الله ابنتي مات عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها) بضم الحاء (قال: لا متفق عليه). تقدم الكلام في الكحل وظاهر الحديث أنها لا تكحلها للتداوي فمن قال إنه تمنع الحادة من الكحل بالأثمد لأنه الذي تحصل به الزينة فأما الكحل بالتوتيا والعنزروت ونحوهما فلا بأس به لأنه لا زينة فيه بل يصح العين، يرد عليه لفظ الحديث فإنها سألت عن كحل تداوي به العين لا عن كحل الإثمد بخصوصه إلا أن يدعى أن الكحل إذا أطلق لا يتبادر إلا إليه.
7 - (وعن جابر رضي الله عنه قال: طلقت خالتي فأرادت أن تجذ نخلها) بالجيم والذال المعجمة:
هو القطع المستأصل كما في القاموس وفي النهاية بالدال المهملة صرام النخل وهو قطع ثمرها (فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي (ص) فقال: بلى جذي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفا رواه مسلم) في باب جواز خروج المعتدة البائن كما بوبه النووي. وأخرجه أبو داود والنسائي بزيادة: طلقت خالتي ثلاثا. والحديث دليل على جواز خروج المعتدة من طلاق بائن من منزلها في النهار للحاجة إلى ذلك ولا يجوز لغير حاجة وقد ذهب إلى ذلك طائفة من العلماء وقالوا: يجوز الخروج للحاجة والعذر ليلا ونهارا كالخوف وخشية انهدام المنزل. ويجوز اخراجها إذا تأذت بالجيران أو تأذوا بها أذى شديدا لقوله تعالى: * (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ألا أن يأتين بفاحشة مبينة) * وفسر الفاحشة بالبذاءة على الأحماء وغيرهم. وذهبت طائفة منهم إلى جواز خروجها نهارا مطلقا دون الليل للحديث المذكور وقياسا على عدة الوفاة. ولا يخفى أن الحديث المذكور علل فيه جواز الخروج برجاء أن تصدق أو تفعل معروفا وهذا عذر في الخروج وأما لغير عذر فلا يدل عليه، إلا أن يقال إنما هذا رجاء فعل ذلك، وقد يرجى في كل خروج في الغالب. وفيه دليل على استحباب الصدقة من التمر عند جذاذه واستحباب التعريض لصاحبه بفعل الخير والتذكير بالمعروف.